حيث يلتقي عشاق الفن السابع
مهرجان بعيون النساء بغزة أصبح واحة فكرية وثقافية
فلسطين-غزة-هداية شمعون(*)
مهرجان أفلام المرأة " بعيون النساء" حمل ذات الاسم للمرة الثالثة حيث بات واحة فكرية وثقافية تروي قليلا من عطشى السينما، فقطاع غزة لا توجد فيه دار سينما واحدة فبات مهرجان بعيون النساء الذي ينفذه مركز شؤون المرأة متنفسا وحيدا لعاشقي السينما والأدباء والكتاب، كما أنه يشكل منفذا وحيدا للنساء في قطاع غزة وللشابات ليتمكن من أن يصبحن مخرجات ويصنعن أفلامهن الخاصة والتي تحمل رؤيتهن النسوية ودون رتوش من المجتمع أو تجميل.
تقول منسقة عام مهرجان بعيون النساء المخرجة اعتماد وشح: "مهرجان أفلام المرأة هو خطوة فاعلة لإيجاد تصورات وأنماط بديلة تتحدى المفاهيم والسلوكيات التي تحدد دور المرأة والرجل في أنماط وقوالب محدودة الإبداع في المجتمع الفلسطيني، إذ يقدم مهرجان أفلام المرأة في غزة للجمهور الفلسطيني أفلاما عربية وفلسطينية مصنوعة بأيدي النساء"
وتضيف وشح:" مهرجان أفلام المرأة هو بوابة للدخول إلى إمكانيات الإبداع، وصنع القرار في مجال الثقافة، ويعتبر من ركائز التطور الاجتماعي الذي يدعو إلى المساواة والكرامة للجميع رجالا ونساء."
ويساهم مهرجان أفلام المرأة في إيجاد سينما بديلة للطريقة التقليدية في التعامل مع المرأة، سينما تحاول التخلص من النظرة النمطية ومن اللغة التي تكرس عدم المساواة بين المرأة والرجل، وتساعد على اكتشاف وجهة نظر النساء باعتبارهن صانعات أفلام ومنحهن الفرصة للتعبير عن قضاياهن ورؤيتهن لقضايا النساء والمجتمع.
هذا وعقد مهرجان بعيون النساء في قاعة رشاد الشوا بمدينة غزة يومي 2-3 أكتوبر ولاقى حضورا فلسطينيا منقطع النظير، حيث شكل حالة ثقافية على مدار يومين وأضاف الكثير بمزجه بين الإنتاج الفلسطيني لمخرجات ناشئات وأفلام مخرجات ومخرجين عرب وأجانب شاركوا بتسليط الضوء على قضايا المرأة المجتمعية حيث برز بوضوح جلي التقاطع العميق في قضايا المرأة في كل مكان في فلسطين والبحرين والإمارات والمغرب والجزائر والهند وأمريكا ..وغيرها من بلدان.
ورغم الحصار على قطاع غزة المستمر منذ 6 سنوات إلا أن مركز شؤون المرأة والأيدي النسوية الشابة نجحت بجدارة في إقامة المهرجان واشراك المشاهد الغزي بما يدور في العالم من حوله وخاصة في قضايا المرأة.
أفلام فلسطينية
" على خط النار" فيلم فلسطيني للمخرجة الشابة " حنين كلاب" حياة نساء فلسطينيات في قطاع غزة يعشن قرب المناطق الحدودية ويعكس معاناة خاصة لهؤلاء النساء المنسيات من وسائل الإعلام وحياتهن دوما مهددة بأي لحظة من قوات الاحتلال الإسرائيلي." فيلم آخر للمخرجة حنين حمل اسم "المشهد يستمر" تناولت فيه قضية القتل على خلفية ما يسمى بالشرف وهو موضوع مؤرق فلسطينيا أيضا خاصة مع ارتفاع أعداد الضحايا هذا العام إذ بلغ 25 حالة قتل حتى الآن، وتساعد هذه الأفلام التي يعمل مركز شؤون المرأة على الاستناد لها في ورش توعوية وتثقيفية للنساء وحملات مناصرة لقضايا المرأة.
"حراير" فيلم للمخرجة الفلسطينية اعتماد وشح يعطي بصيصا من الأمل لبطلة الفيلم فرغم الفقر والعنف المجتمعي إلا أنها بحثت عن طاقات كامنة بداخلها ووجدت طريقها لتكون ذاتها ولتساهم في انتشال عائلتها من بوتقة القهر والوجع
"ولد ..بنت" للمخرجة الفلسطينية الشابة هناء الزنط ومحاولتها الأولى التي نجحت فيها بالدق على باب العادات والتقاليد والتنشئة الاجتماعية بتمييز الذكر والأنثى منذ الولادة إلى الكبر..
وقد أثرى عرض أفلام عربية وأخرى أجنبية اهتمامات الحضور وحاز على إعجاب الكثيرين ومواصلتهم لكافة العروض على مدار يومين.
ومن الأفلام التي عرضت فيلم " لعبة الحبل" وهو فيلم مغربي روائي، فيلم "شعر هندي" وهو فيلم تسجيلي للمخرج الإيطالي ماركو ليوباردي، فيلم " الصامتون يتكلمون" من مصر للمخرجة شيرين طلعت، وحاز الفيلم الفلسطيني " القيادة إلى زيغزيغلاندة" اعجاب الحضور ولاقى تصفيقا حارا للمخرج نيقولا باليفان، وفيلم "أوموجا قرية محرمة على الرجال" وفيلم" الساري الوردي" وغيرها من أفلام تسجيلية وروائية.
انجاز رغم التحديات
وفي كلمة د.أماني أبو رحمة عن لجنة المشاهدة واللجنة الاستشارية للمهرجان قالت:" يأتي المهرجان في ظل حصار شرس يزداد تغولا يوما بعد آخر، وفي ظل انقسام بات ينهب من صفاء أرواحنا وجمال ملامحنا الكثير حتى بتنا لا نعرفنا، وفي ظل وضع اقتصادي يتدهور بلا توقف، وفي ظل سياسات وصلت إلى طريق مسدود. وفوق هذا كله وقبله وبعده، ذلك الاحتلال الطاغي الأخير الباقي في هذا العالم المتغطرس، وتلك العنصرية البشعة التي تصيغها قوى الطغيان على أرضنا منذ قرن أو يزيد، فحين ننتج عملا ضخما كهذا بإمكانيات كهذه في ظروف مثل هذه نكون حقا في مصاف العصاميين الطامحين إلى السماء الذين لا تحدهم العوائق ولا تنال منهم المحبطات والمثبطات."
وأشارت أبو رحمة إلى بعض الصعوبات التي واجهت العمل قائلة:" اجتمعت اللجنة على مدى شهرين متتاليين، يومين من كل أسبوع، في ظل انقطاع الكهرباء وما يحيط بها من ترتيبات مرهقة، لكن ذلك زاد إصرار الجميع لإكمال العمل وتحدي كافة المعوقات."
وقد حقق مهرجان بعيون النساء أهدافه التي طرحها في انطلاقته الأولى إذ تمكن من تسليط الضوء على سينما المرأة لإبراز إبداعات المرأة الفلسطينية والعربية، وساهم في إخراج المرأة المبدعة من دائرة الظل إلى النور كامرأة ذات فكر وإبداع ثقافي، بالإضافة إلى تنمية وصقل قدرات المخرجات الفلسطينيات، ودعم تواصل وتشبيك المخرجات الفلسطينيات مع الحركة السينمائية من خلال دعم الإنتاج السينمائي للمرأة، وكسر الحصار النفسي عن الجمهور الفلسطيني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) كاتبة وإعلامية
إرسال تعليق Blogger Facebook