حين يفقد الشباب مستقبله!! السبت, مارس 03, 2012 هداية صالح 0 ما بعد التخرج..بطالة وإحباط وبحث عن المجهول بقلم: هداية شمعون رحنا الجامعة واحنا فرحانين وفي الجامعة جبنا في التسعين من أول ما تخرجنا مش ساكتين ومن دورة لدورة بنكون أول المسجلين أهالينا شبهونا بالتايهين علشان ما بنعمل بشهادتنا المعلقين وبفلوس أهالينا المهريين وحفيو رجلينا واحنا لسة متطوعين وللتعليم بوظايفهم مقدمين يمكن يطلعوا اسامينا بالتعيين وقدمنا واحنا مش متفائلين ويا رب نكون من الناجحين مش من الناس المحظوظين اللي بيتوظفوا بالفيتامين لمتي هنظل في قائمة الخريجين؟! وهنفرح ونساعد أهالينا التعبانين (بتصرف) هذه كلمات خريجة جامعية دونتها بألم وقهر في محاولة منها وزميلاتها لكي يراها الآخرون، وذلك من خلال إنشاء مدونة تحمل اسم " تخرجنا وبعدين" فقد التقت مجموعة من الخريجات ليكتبن ويدون ما يؤرقهن ويدمر حياتهن ومستقبلهن ورأين في هذه المدونة محاولة ليفجرن أفكارهن وخواطرهن لأن المنابر عزت عن استضافتهن، وشعرن أنهن وحيدات في همهن.. تقول إحدى المشاركات في ذات المدونة: تخرجنا وبعدين في البيوت قاعدين وعلى الدورات سواحين مين احنا يا ناس مين ؟؟!! قالوا: انتو الخريجين !! احنا إللي رحنا ع الجامعة أربع سنين وعدونا بالوظايف في حفل الخريجين وين الوظايف وين ؟؟ قالوا في خطاب الخريجين: انتو مستقبلنا ؟ والله وجبروا بخواطرنا بمصارينا وتعبنا وعرق أهالينا ولازالت هذه المدونة حديثة النشأة إلا أن القائمات عليها يحاولن أن يخاطبن كل خريجة وخريج لأن يعبر عن معاناته عبر هذه المدونة، ليرفعوا صوتهم تجاه البطالة والفقر وارتفاع رسوم الدراسة الجامعية، أيضا وجهن كلماتهن لفيتامين (واو) في المجتمع ووظائف الأقرباء وليس الأكفاء. إن استطلاعا حديثا لمركز العالم العربي للبحوث والتنمية ( اوراد) حول عدة قضايا شملت الحراك الشبابي، والاحتياجات والأولويات بالإضافة لقضايا جوهرية ملحة على الساحة السياسية والتنموية -نشر في الأول من شباط 2012- أشار إلى قضايا ملغمة وتعطي مؤشرات مخيفة على صعيد الشباب الفلسطيني وطريقة تفكيره وتوجهاته فهنالك وضوح تام لحالة من الضياع والتخبط والتوهان عن البوصلة في كافة شؤونهم، فقد أعرب 57% من الشباب أنهم لا يشعرون بقدرتهم الذاتية على إحداث التغيير، وصرح 5% بأنهم لايعرفون مدى قدرتهم (سلبا أو ايجابا).! كما أكد الاستطلاع على أن أولويات الشباب هي بالمقام الأول إيجاد وظيفة، ثم تغطية مصاريف التعليم، تلاها الحريات الشخصية ومحاربة الفساد، فقد صرح 72% من الشباب أن قضية البطالة مهمة جدا، و13% اعتقدوا بأنها قضية مهمة، كما اعتبر 63% بأن قضية تغطية تكاليف التعليم مهمة جدا، واعتبرها 13% منهم بأنها قضية مهمة. وتتفق إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء للعام 2011 على تزايد نسبة البطالة في صفوف الإناث الشابات أيضا أكثر من الذكور الشباب فقد بلغت نسبة البطالة بين النساء اللواتي أنهين 13 سنة دراسية فأكثر 36.3% من بين النساء المشاركات في القوى العاملة مقارنة بـ 15.7% بين الرجال المشاركين في القوى العاملة. إن واقع الخريجين والخريجات ليس خافيا على مسؤول أو جهة أكاديمية بل يعرف القاصي والداني أساسا أن هنالك اشكاليات في عدم وجود خطة استراتيجية وتخطيط لمدى ملاءمة تخصصات ومجالات التعليم وما بين فرص العمل المتاحة، فليس هنالك أي توجهات جامعية تساعد وتخطط للملتحقين والملتحقات بهذه التخصصات التي ينصح بها، كما أن الجامعات الفلسطينية لا تملك رؤية مستقبلية أو أي تنبؤ بآلاف الخريجين والخريجات وأين سيؤول بهم الحال بعد التخرج.!. كما أن مفهوم التطوع والانخراط لكسب خبرة للخريجين/ات بات أمرا غير مرغوب فيه لأسباب عديدة أهمها الفقر المدقع الذي يحيط بالشباب فيأملون بأي مصدر رزق حتى لو لم يكن في مجالهم أو تخصصهم، كما أن الحاح هذه الحاجة بالنسبة لهم ولأسرهم التي تعلق آمالا كبيرة على تخرجهم وعملهم إنما يقابل بالاستغلال من قبل بعض الجهات ما يفقد هؤلاء الخريجين/ات اهتمامهم بالتطوع أو كسب خبرات ومهارات وليس عائد مادي فحسب وأكد استطلاع اوراد في هذا السياق ذات الأمر إذ أن 38% من الشباب لم يشاركوا بأي عمل تطوعي، و20% منهم فقط شاركوا في الحراك الشبابي. إن الأهالي - يجتزئون من طعامهم وشرابهم كي يساندوا أبناءهم وبناتهم في استكمال تعليمهم لأن كل فلسطيني ذاق المر والألم وتربى من أجداده أن التعليم مثل الماء والهواء، وبأنه أمر أساسي وملح ولا يمكن النقاش فيه- بغض النظر حاليا عن نوعية هذا التعليم- لكن الشهادة الجامعية هي مطلب مجتمعي ووطني وفي الحالة الفلسطينية فإن الكثيرين يعانون الأمرين ويلجأ أغلبهم للاستدانة والقروض لتوفير الرسوم الجامعية لأبنائهم وبناتهم أملا في أن يكونوا طوق النجاة لهم بعد التخرج لا أن يتحولوا لرقما عدميا من أرقام البطالة ويرهقون أسرهم بمتطلباتهم واحتياجاتهم، ولم يكن غريبا في هذه الحالة أن تطلب الأمهات والشباب زوجات موظفات كشرط للاختيار وليس الدين أو الحسب والنسب كما هو متعارف عليه مجتمعيا. إن الشباب ذكورا او إناث يتحملون معاناة الدراسة الجامعية ويدركون كيف يدبر أهلهم هذه الأموال وبالتالي يشعرون بالعجز المطلق حين يحصلون أخيرا على هذه الشهادة والاعتراف بانتهاء مرحلة الطالب الجامعي، وتأخذ أحلامهم بالتعاظم بوظيفة ومكتب ومركز اجتماعي فيفاجأ أن أقصى حلمه أصبح أن يحصل على بطالة لا تزيد عن ستة أشهر ووظيفته أن يكنس الشوارع، أو وظيفتها أن لا تفعل شىء وكأن الراتب المقطوع لعدة أشهر سيظل مظلتهم لمدى الحياة، وتناسى الجميع أن إنسانا ينبض بالحياة ولديه العشرات من الأحلام التي تجد من يقضي عليها بطرق متعددة وبأسهل هذه الطرق، فكما تلف جثة فتاة في جنح الليل وتلقى في مكان مظلم يعتقد المسؤولون أنهم وأدوا عناق المعاناة ووفروا للشباب فرص العمل المؤقتة، ولم يكلفوا أنفسهم أن يدرسوا المشكلة المتفاقمة من جذورها ويخططوا لكيفية استثمار طاقات الشباب وإمكاناتهم بتنمية حقيقية حتى بأدنى الإمكانات. إن تعليق إعاقة التنمية على الاحتلال والدول المانحة أمر بات عقيما ومدمرا لحياتنا وتفكيرنا ولم يبدأ أحدا بهذا الحراك لا أن ترك الأمور على حالها والارتهان لكل ما يأتينا من ظروف سياسية ومؤثرات اقتصادية. إن العديد من المبادرات والفعاليات التي تهتم بالتعليم برزت وحاولت ولازالت تحاول من خلال صفحات الفيس بوك أو اللقاءات مع المسؤولين لتسليط الضوء على قضية التعليم والرسوم الجامعية الآخذة في الازدياد في ظل واقع فقر يفرض نفسه ويطال كافة شرائح المجتمع الفلسطيني، ومن هذه الحملات النشطة الحملة الوطنية لتخفيض الرسوم الجامعية والتي حاول القائمون عليها تقديم اقتراحات وحلول وليس الصراخ فقط ومن هذه الاقتراحات تفعيل الصندوق الوطني لدعم الطالب، والبحث عن آليات لتوفير منح لأبناء أصحاب الدخل المحدود، وتفعيل القوانين التي تعطي وزارة التعليم العالي الحق في متابعة الجامعات، بالإضافة لضرورة وجود مجالس طلبة منتخة تعبر عن هموم الطلبة، والتعبير عن رفض تصدير أزمات الجامعات المادية على حساب الطلبة- كما جاء على لسان منسقها إبراهيم الغندور. إن قضية الخريجين والخريجات وطلبة الجامعات الذين لازالوا على مقاعد دراستهم تكشف مدى هشاشة آليات التمكين والعمل التي يعمل عليها ذوي الاختصاص، وتكشف مدى سيطرة كل ماهو سياسي على كل ما هو اجتماعي وتنموي، فقد تحولت المؤسسات الأكاديمية بهياكلها لمنظومة سياسية تعلق أحمالها على كتف الطالب والطالبة، ما يجعل الشابات والشباب مكبلين بهموم ومسؤوليات وينساقون لدائرة الفقر والبطالة والبحث عن الكنز المفقود بين ثنايا التوزيع غير العادل للموارد المتاحة لدى مالكي القرار، بل أصبحت أحلامهم وآمالهم لهم وحدهم، وليشكوا وينتحبوا أعواما قادمة لأن آذانا بها صمم، ولا يحفل أحد بمطالبهم، لذلك فإنني أزعم أن حراكا يجب أن ينضج في ظل هذه الظروف القاسية وعلى كل الخريجين والخريجات أن ينظموا أنفسهم ويشكلوا قوة ضاغطة وينادوا صباح مساء بضرورة الالتفات لهم وليس عيبا أو تقليل من حجم القضايا السياسية وقضايا الأسرى والقدس ومأساة غزة بكهرباء شحيحة أمر - يجعل أصحاب هذه القضية يحجمون عن مطالبهم لأن الوضع السياسي لن يتغير في يوم وليلة ولأن كل المشكلات الاجتماعية زاد تفاقمها بسبب طغيان السياسي على المجتمعي لذلك حان الوقت ليقول الشباب وكل المتضررين/ات كلمتهم ويعملوا بطاقة إبداعية وليست فقط نقدية لواقعهم اليومي، فإمكان الجميع أن يصنع الفرق بوحدته وإيمانه بقضيته. مقالات حين يفقد الشباب مستقبله!! ما بعد التخرج..بطالة وإحباط وبحث عن المجهول بقلم: هداية شمعون رحنا... مزيد من المعلومات »