0

DSC_0479 (2)

" صورة المرأة في وسائل الإعلام الفلسطيني"

قطاع غزة- دراسة حالة

تقرير: هداية شمعون

لازالت قضية المرأة والاعلام محل جدل ونقاش رغم كافة الجهود الدولية والاقليمية والعربية بل لازالت تراوح مكانها دون تعزيز حقيقي تراكمي لكافة الجهود والتدخلات الرامية لتحسين صورتها، وفي فلسطين لازالت صورة المرأة في وسائل الإعلام لا تعبر عما وصلت إليه المرأة الفلسطينية في مسيرة تقدمها ولا تعكس التنوع الثقافي والاجتماعي والفكري والتنموي الذي وصلت إليه اليوم. فقد أرست الموروثات الاجتماعية والثقافية السائدة صورة نمطية عن المرأة الفلسطينية كأسطورة وكرست دورها الانجابي دون الانتاجي والمجتمعي والسياسي.

لقد نفذ مركز شؤون المرأة في نهاية عام 2009 دراسة حول تحديد اولويات قضايا النساء في قطاع غزة وجاءت اختيار موضوع صورة المرأة النمطية في وسائل الإعلام في الأولوية الثانية بعد أولوية حرمان النساء من الميراث، فقد أشارت 90% من النساء المشاركات في الدراسة ذاتها أن هناك تنميطا لصورة المرأة الفلسطينية في وسائل الإعلام وتحديدها فقط في صورة المرأة الضحية الباكية والشاكية.

الهدف الرئيس للدراسة:

هدفت الدراسة إلى تحديد أشكال التدخل والسياسات المطلوبة محليا لمعالجة الصورة النمطية للمرأة في وسائل الإعلام المسموعة والمقرؤة والمرئية المؤثرة في مجتمع قطاع غزة، وكشف الصورة الحقيقية للمرأة الغزية، وتحديد الجهات القادرة على صنع هذا التغيير.

الأهداف الخاصة:

التعرف على ملامح صورة المرأة الغزية في وسائل الاعلام المختلفة وصورة المرأة المؤثرة في قطاع غزة، وتحديد طرق تحسين صورة المرأة الغزية في الاعلام والجهات المسؤولة والمؤثرة في السياسات والاجراءات والتدخلات المطلوبة لذلك، بالإضافة لتوجيه النتائج والتوصيات للجهات المعنية في مجال الإعلام والمرأة

الأدوات البحثية للدراسة:

1- مراجعة الأدبيات: حيث تم فحص الأدبيات التي تناولت صورة المرأة في وسائل الإعلام المسموعة والمقرءة والمرئية وصحافة الانترنت.

2- مجموعات مركزة: ( 6 مجموعات- متخصصين واعلاميين/ات ونسويات )

3- مقابلات معمقة: (14 مقابلة مع خبيرات وخبراء ومتخصصين/ات)

4- دراسة حالة: عدد(2) لمؤسسة نسوية ذات خبرة في الشأن الإعلامي، ومؤسسة نسوية إعلامية ناشئة.

مجتمع الدراسة: يتكون مجتمع الدراسة من النساء والرجال القاطنين في محافظات قطاع غزة الخمسة حيث تم استهدافهم من خلال مجموعات مركزة ومقابلات وشمل عدد الرجال المشاركين 27 مشارك، أما عدد النساء المشاركات فبلغ 61 أغلبهم/ن خريجي جامعات، أكاديميين/ات، عاملات، نشطاء ونشيطات في المجتمع المدني، صناع وصانعات قرار. تراوحت أعمارهم بين 20- 40 عاما

الفترة الزمنية للدراسة: ما يتعلق بالإطار النظري فقد اشتمل على كافة الدراسات والتقارير التي تناولت موضوع الدراسة ما بين عام 2000 - 2010، وفيما يتعلق بالعمل الميداني فقد امتدت الفترة الزمنية من 1 مايو ولغاية 11 اكتوبر 2010

أهم الاستنتاجات التي تم التوصل إليها:

أولا: الصورة الحالية: بحسب تحليل الادوات البحثية لهذه الدراسة فإن الصورة الحالية للمرأة الغزية تقدم بصورة نمطية تتقدم فيها المعاناة على الانجاز والوطني على الانساني و تقدم المرأة كتابع للرجل بدلا من شخصيتها المستقلة. الغالبية ممن تمت مقابلتهم قالوا أن هذه الصورة لا تعكس الواقع وهي صورة تقليدية مقولبة كالتالي:

1- صورة نمطية سلبية منقسمة:

إن صورة المرأة في الإعلام صورة نمطية، سلبية، تابعة ولكن المرأة الفلسطينية تضيف صفة أخرى جديدة وهي امرأة منقسمة بسبب ما أصبح عليه الشعب الفلسطيني من انقسام، وإن كانت تظهر في بعض الأحيان بصورة نضالية ايجابية ولكن بما يسمح به الرجل فقط، وهي صورة حزبية في وسائل الاعلام المحلية، كل وسيلة تحاول نقل صورة المرأة التابعة لحزبها، وهي صورة ضعيفة".

2 – صورة المرأة-الجسد ليست فلسطينية: الاعلام الفلسطيني وإن كان يعرض الصورة النمطية للمرأة إلا أنه يعرض صورة المرأة بشكل أكثر محافظة حتى يتناسب مع عادات وتقاليد المجتمع ولا يعتمد على صورة المرأة الأنثى كجسد وإغراء بنفس الدرجة التي تظهر في الاعلام العربي والغربي، وأيضا لا يصور المرأة الفلسطينية بالشكل الذي يتوافق وتاريخ المرأة الفلسطينية وحجم عطاءها ونضالاتها على الصعيد العام والخاص.

3- صورة المرأة المقهورة الممنوعة المضطهدة الباكية الضعيفة: هذه الصورة الأكثر انتشارا و فيها الكثير من النمطية بسبب الظروف الاغاثية الغالبة على وضع المرأة الفلسطينية في العالم

4- صورة المرأة كأم أو زوجة أو قريبة الشهيد: يتم استخدام هذه الصورة مرارا حتى لو تميزت المرأة بمميزات أخرى، بينما اعتقد البعض أن هذه صورة ايجابية ويمكن الفخر بها ولا تشكل صورة نمطية.

5- صورة المرأة التي تعاني من هدم البيوت والفقر والحرمان ومن واقع صعب: غالبية المشاركين والمشاركات رأوا أن هذه الصورة فيها ضعف وقلة حيلة وعدم القدرة على التعايش مع الواقع.

6- صورة المرأة الجاهلة غير الواعية وغير المنظمة

7- تغييب نماذج جيدة للنساء: تكررت الاشارة إلى اشكالية غياب نماذج مختلفة لنساء ناجحات أو مستقلات أو قادرات على التغيير، باستثناء تكريسها في إعلام المؤسسات الأهلية والنسوية تحديدا.

8- تنميط في عرض قصص النجاح، بل واستكثارها على المرأة.

9- المساحة المتاحة غير كافية وموسمية: إن وجود مساحة اعلامية محدودة لقضايا النساء في وسائل الإعلام على اختلافها هو بحد ذاته جزء من النمطية.

10- تغييب للقضايا الاجتماعية: هنالك غياب حقيقي لقضايا اجتماعية وتنموية وفكرية وثقافية هامة عن الاعلام، والاهتمام بالنموذج الأسهل التقليدي المستهلك فقط.

 

Untitled-1

ثانيا: الصورة المطلوبة للمرأة الفلسطينية:

يبقى الحديث عن صورة نمطية للمرأة في قطاع غزة حديثا نظريا مالم يرتبط بواقع النساء في قطاع غزة مما تطلب التعرف على هذه الصورة وانعكاساتها. ومن خلال مجموعات العمل وجدت الدراسة ما يدعو للقلق أن هناك توجها باستبدال نموذج الصورة السلبية النمطية التقليدي للمرأة الفلسطينية الشاكية الباكية بنموذج وصورة نمطية أخرى تتمثل في صورة المرأة الناجحة القوية الصامدة، أي نموذج المرأة السوبر في كل شىء، ففي هذا الأمر خطورة من نوع آخر وهو أمر يثير الكثير من التساؤلات بهذا التوجه، ومدى أثره ونجاعته وموضوعيته، وفي كلتا الحالتين يبدو الغبن واضحا في حق النساء.

بينما لمست الدراسة من نتائج المقابلات المعمقة التي أجريت مع خبيرات وخبراء في الشأن النسوي والإعلامي أن هناك توازنا موضوعيا ومراعيا للصورة التي يجب أن تكون عليها صورة المرأة الفلسطينية في وسائل الإعلام لقضايا المراة وليس الانقياد فقط لما يتم ترويجه كوظيفة أساسية من وظائف الاعلام، بحيث يكون الدور المبادر والقيادي لتحقيق التغيير المجتمعي والوعي الجمعي المطلوب.

أهم التوصيات:

إن أهم توصية لهذه الدراسة ضرورة دمج قضايا المرأة بالقضايا التنموية والاجتماعية والثقافية وعدم أخذها بمعزل عن قضايا المجتمع لأن واقع المرأة الفلسطينية هو جزء من الواقع الفلسطيني، كذلك واقعها الإعلامي هو جزء من الواقع الإعلامي الفلسطيني المتأزم ومن هنا فهنالك حاجة ضرورية لاشراك الرجل والمرأة في كافة التدخلات التي يمكن اقتراحها لتحسين صورة المرأة الفلسطينية.

المؤسسات النسوية ومؤسسات المجتمع المدني:

  • أن يصاغ بموازاة كل خطة حول قضايا المرأة سواء كانت خطة شاملة أو تدابير جزئية خطة إعلامية ذات أهداف واضحة تستند الى معطيات وإحصائيات ومعلومات ودراسات علمية توفر لها الإمكانيات اللازمة من طاقة بشرية وتكنولوجية .
  • أهمية خلق أدوات إعلامية موحدة كتلفاز أو فضائية أو إذاعة أو مجلة دورية تحتضنها مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات النسوية
  • إنشاء مرصد إعلامي يوزع عمله على المؤسسات النسوية، ليتم متابعة الصورة المقدمة للمرأة في وسائل الإعلام والوقوف على حالات التشويه للصورة ومن ثم اتخاذ إجراءات تنفيذية للحد منها ومحاربتها.

المؤسسات الإعلامية:

  • أن تقوم وسائل الإعلام على تدريب موظفيها لقيادة برامج تهتم بقضايا المرأة إعلاميا وتدريبهم على الكتابة وعلى كيفية تناول قضايا المرأة بحساسية ووعي.
  • ضرورة الوصول لمفهوم وآليات تنسيق وتشبيك بين المؤسسات النسوية والحقوقية والمؤسسات الإعلامية التي تجسد صورة المرأة في وسائل الإعلام للتخطيط والتعاون بما يخدم صورة المرأة.
  • ضرورة الاهتمام بنوعية المضمون الإعلامي المقدم من شكل ومضمون ومدى الاستمرارية والاستدامة فى طرح الرسائل الإعلامية المرتبطة بأهداف تنمية المرأة اجتماعيا واقتصاديا وصحيا وتعليميا.

الإعلاميين والإعلاميات:

  • تنويع الصور الاعلامية المقدمة وابراز قضايا تعكس الواقع مع تسليط الضوء على التجارب الايجابية
  • الاهتمام بالمناطق المهمشة والمسكوت عنها والقضايا المهملة من الاعلام السائد
  • متابعة القضايا الاعلامية الجادة وممارسة دور في التوعية المجتمعية بدلا من تكريس صور نمطية وتكرارها

المؤسسات الحكومية:

  • وضع توجهات استراتيجية وسياسات داعمة لتقديم صور ايجابية متنوعة عن المرأة الفلسطينية
  • ضمان حرية الاعلام وامكانيات الاعلاميين للتعبير عن أنفسهم دون قيود
  • العمل على تضمين مفاهيم النوع الاجتماعى والمساواة بين الجنسين ومكافحة التحيز فى مواثيق الشرف المهنية لوسائل الإعلام المحلية، وهي مسؤولية مطلوبة من وزارتي وزارة شؤون المرأة والاعلام.

إن العمل على تغيير الصورة النمطية للمرأة في الاعلام مهمة جماعية تتطلب مشاركة من أطراف متعددة والاتفاق على تعزيز انعكاس التنوع الثقافي والاجتماعي والتنموي والفكري لكافة شرائح النساء الفلسطينيات، والعمل على تنسيق الجهود بين الجهات المعنية المختلفة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدراسة من إصدار مركز شؤون المرأة- غزة برنامج الأبحاث والمعلومات.

مستشارة الدراسة: د. هديل قزاز

الباحثة الرئيسة: هداية شمعون

الباحثة المساعدة: نهى عماد

الباحثات الميدانيات: إسلام الأسطل/ رشا فرحات/ نعمة أبو حلو

نوفمبر 2010

إرسال تعليق Blogger

 
Top