كيف سنجيب اندهاش من بقي منكم حيا!!

<p><b><u>غزة تنجو بموتها</u></b></p> <p><b>كيف سنجيب اندهاش من بقي منكم حيا!!</b></p> <p>بقلم: هداية شمعون (*)</p> <p>بعيون غائرة وهالات سوداء نستقبل يوما ونودع يوما فيما أبواب عيوننا مشرعة، لا تكاد تفعل حتى تفزع على غارة جديدة من الطيران الحربي الإسرائيلي، أجواء السماء الصافية تعكرها صوت طائرات الاستطلاع تلك التي تحمل الموت مع كل نفس لنا في الحياة، هي معركة بين أن تحيا لدقائق أخرى أو تموت وتدفن في تراب بيتك، لا مساحة رمادية بينهما مثلا كأن تسرع بالهرب لا تجهد نفسك بالتفكير فلا وقت لكل هذه الأشياء..!</p> <p>أول أمس فزعت على جيران لنا قد تركوا منزلهم رغما عنهم لأن البيت الذي بجوارهم قد أطلق عليه صاروخ استطلاعي ( هذا الصاروخ الذي نتحدث عنه- يقتل ويفتت إنسان إن أصابه ويدمر بيتا لكنه يبقيه على وجه الأرض) فيما صاروخ طائرات الـF16 فهو يسحب أنفاسك ويجعلك تقرفص في هيئتك أيا كانت وتغطي أذنيك من شدة الانفجار وصراخك يكون قد تمزق بفعل دفعة الهواء التي عصفت بك فيما يبقي بيتك مرتجا كأنما فقد توازنه وتبدو كمن خرج من حلم مؤرق، تتحسس بقية أجزاءك ويأتيك صوت هذا القصف بعيد إنه على بعد عدة أمتار.. ولا تكاد تكمل المحادثة حتى يتمزق حديثكما مرة أخرى بفعل صاروخ آخر وآخر..لا تسألوني عن الوقت فالليل غدا نهارا بفعل هذه الانفجارات المسعورة لأن الدنيا كلها تضيء تماما ونتسأل هل بقي أحياء بعد كل هذه القصف..!؟ نحاول أن نهدىء روع صغارنا لكنا نبدو بحاجة لمن يهدىء روعنا، ما معنى الحياة في ظل هذا الرعب الممنهج؟!</p> <p>ما بين منشورات تلق لتهجير السكان من أماكن سكناهم وما بين اتصالات هاتفية تحذرك أن تتحرك من بيتك، ومن اتصالات أخرى تخبرك ببرود.. معك خمس دقائق لتخرج من البيت..!!</p> <p>أين زوجك؟ ليس هنا..</p> <p>حسنا: من معك بالبيت: أطفالي الستة.!</p> <p>إذن أخرجي الآن ولا تفكري بأخذ شيء معك خمس دقائق فحسب.. ويضحك الصوت</p> <p>يضحك الصوت وصداه يوقظها:</p> <p>لم تجد وقتا لتعد أطفالها.!!</p> <p>***</p> <p><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh1uLBdIMASGnzCQjJAgggrC6x-tRkkWDxGpvcpdasPbGMXRUegpXjJUY42A2KT50VNsUhDOXsHi0-HOCpbShKoA8nE0WeJpyhiuhYAZI320k1wokAvNzk-w3erL2AIVogG2j0u5xKNm1I9/s1600-h/575109_523999620945242_852815092_n%25255B2%25255D.jpg"><img alt="575109_523999620945242_852815092_n" border="0" height="164" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiivr1ulnVpxGku63AH8Y5z5wVYlV2fS1cV4bAOJoMcp0LcGHpSahJgyYo8NxOP_-9AKh0T6IJccsnJwOIOhMUoi65z5v9smFqQW_tPXBqXzBjVmA8c-1t4o_1pWNw3wMTEiJ8GS1XKrKoe/?imgmax=800" style="border-bottom: 0px; border-left: 0px; display: inline; border-top: 0px; border-right: 0px" title="575109_523999620945242_852815092_n" width="244" /></a> </p> <p> </p> <p> </p> <p> </p> <p> </p> <p> </p> <p><b>يا أطفال غزة:</b> كيف سنجيب اندهاش من بقي منكم حيا!! حين تسألون: لماذا قتل صاحبي؟ لماذا دفن جاري في بيته؟ لماذا لا تتنفس رزان وحنين وعمر ووو .. لماذا لم نعد نرى حماما ولا عصافير؟ ولماذا لا يمكننا اللعب بالشارع أمام باب بيتنا؟ لم نعد نأمل بمنتزهات أو بنوادي أو بساحات فقط بالشارع.. حتى الشارع بات ممنوعا.. والبيت يهتز بنا كل حين؟ هل انتهى العالم ولم يبق غيرنا أحياءا؟</p> <p>يا أطفال غزة: كيف سنجيب اندهاش المكلوم في أعينكم.. كيف سنصحو على يوم آخر وتشرب مقلتانا كل هذا الدمار من حولنا؟ </p> <p>تسأل الطفل: لماذا لا نخرج من منزلنا.. كل الأطفال ماتوا في بيوتهم؟ لماذا لا نخرج من بيتنا.. نريد أن نسكن خارج بيتنا وحين يقصفوه نكون قد طرنا بعيدا ربما عند عمي في مقبرته البعيدة.. فلم نزره منذ أيام.. لماذا قتلوا أطفال الزيتون وهم يلعبون في الشارع؟ ولماذا لم يجد أحدهم قدمه ..</p> <p><b>قدمه: </b>كانت قدمه سمراء وأظافره طويلة لم يجد وقتا لتقصيفها، كانت بشرته جافة ربما لم يشرب كثيرا من الماء وكانت قدمه نحيلة، ربما لم يجد طعاما كافيا أو أنه لم يكن يشعر بالراحة.. تخبرنا قدمه أشياء كثيرة..<b></b></p> <p>مشت القدم وحدها وبحثت عن صاحبها لكنها لم تعثر عليه فقد امتزج اللحم بالموت بالحقد بقطع الصاروخ المتفجر بالخيبة وبالوجع.. عادت القدم ولفظت أنفاسها حين أدركت أنها جزء من جسد طفل فلسطيني كان يلعب مع جيرانه وأقاربه، فلم تعد تقو على الحياة بقسوتها..!!</p> <p>ودعت الأم صغيرها وصغار غيرها لأن المشفى جمعهم في قطعة قماش واحدة، لم تنظر الأم لأنها فجعت وظلت عيناها محدقتان في الأشلاء المكومة أمامها، ولم تبك لم تبك الأم طفلها رغم أن عويلا انطلق من صدر كل الأمهات من لهن قطع لحم ومن شهدن القصف ونجين من المجزرة.. صمتت الأم وأشاحت بوجهها عن وجه الحياة..</p> <p>***</p> <p><b><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiLI_3P33Ld8GSPo0DXYXao9UFyXjoF1KR7U-HOaaXSwE0NESKqtiNOHgaawCm3SZobNy92V7KNzSU0_myqlCRaox8Np8E9Fe7evs5ewoOci4FZTIoXgTCDFWlruWbYQ-IJemErLG-9cqwa/s1600-h/gaza%25255B2%25255D.jpg"><img alt="gaza" border="0" height="244" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh57pwHlgY3wdSoSEPfsbXa0tkFBGZPenGzhGBbCt7bqtHmjthTQNYyIEgeeUSZxX4sTQ_UT5ksZ1whyphenhyphen5H_4B0AjV9Uf2JY_4Z8acSEdxOMjaoGgHaEbmPAgc4KuLV0QMFbhoyscWhXagAZ/?imgmax=800" style="border-bottom: 0px; border-left: 0px; display: inline; border-top: 0px; border-right: 0px" title="gaza" width="244" /></a> </b></p> <p><b></b></p> <p><strong></strong></p> <p><strong></strong></p> <p><strong></strong></p> <p><b>متسعا من الو</b><b>قت: </b></p> <p>أريد متسعا من الوقت لأبكيهم، لأتنفس موتا، من حقي أن أمعن في الموت أكثر فكيف سأنساهم بعد أن عرفتهم في ومضة الحرب.. نعم يكفيني أنهم أطفال ملائكة صغيرة كانت تجابه حياة قاسية في غزة، يتجولون في شوارع المخيمات، ينحتون خشبا ويصنعون طائرات ورقية، لم يحضر لهم أهلهم ألعاب الكترونية أو دمى كتلك التي شاهدوها في التلفاز لأنهم بالكاد يسدون رمقهم، وبعضهم كانت له ألعاب كثيرة كتلك في التلفاز وأحبوها ولكنها امتزجت بلحمهم؟؟ كيف لي أن أنسى تلك اللحظات المجبولة بآخر أنفاسهم والتي توقف فيها قلبي، اسمحوا لي يا رفاق أن أحظى بزاوية من غرفة البيت المتصدع وأتأمل صمتي ولقطات تهوي بسرعة الصاروخ في ذاكرتي.. اسمحوا لي يا بشر أن أنعيهم بصمت وألا أزور عائلاتهم فلن أواسيهم بل سأشعل حزنهم وأنبش جرحهم.. لن يقوى قلبي الضعيف أن يؤازرهم ولو بكلمة، أو سأضع جدارا فولاذيا لأقوى بالنظر لعيون أم واحدة منهم..!!</p> <p>اسمحوا لي أن أدعي الاخلاص وأن أصمت عن الكتابة لأنهم يطوفون في جوفي الآن، يمزقون جدار قلبي وهم لازالوا يتألمون/يحترقون/يتطايرون/يصرخون.. مفجع هذا الموت بقسوته، هل رحلت الطائرات ؟!! هل تذكر الطائرات كم طفلا قتلت؟ كم بيتا هدمت؟ كم قلب فجعت؟؟!</p> <p>***</p> <p>هذا الصاروخ ينفجر، الدم يسيل، تتناثر حجارة البيت، يغطي وجهي التراب، كنت أمد يدي نحو أمي لألتقط كسرة الخبز، بحثت عنها كثيرا بعد الردم، وجدت كل الخبز إلا تلك الكسرة!! وكيف سأجدها يجب أن أجدها لأنها آخر ما لمست أمي..!!</p> <p>ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ</p> <p>(*) كاتبة وإعلامية تقيم في قطاع غزةhedayapress@yahoo.com</p>

كيف سنجيب اندهاش من بقي منكم حيا!!

غزة تنجو بموتها كيف سنجيب اندهاش من بقي منكم حيا!! بقلم: هداية شمعون (*) بعيون غائرة وهالات سوداء نستقبل يوما ونودع يوما فيما أبواب عي...

مزيد من المعلومات »

أريد أشياء صغيرة..!!

<p> أريد أشياء صغيرة..:</p> <p>هداية شمعون</p> <p><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjbD52yE72sH12gVIDG33MPTqkFrHXIMI_GjnfwyuhC6fNYHDE6XyMw6m5J3V8bOaLlXEXwvW4X-KCRIPmjcdiZg62tlw-AhZWeqtc0vxmVUEq2_fq-XfzgsF4afVgMI7iK7b2YYcMA4Wv9/s1600-h/579058_139808509499500_932910383_n%25255B10%25255D.jpg"><img alt="579058_139808509499500_932910383_n" border="0" height="295" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhl8hd3sVVyQn1PLyNnB1vjMoQRiddOeFYNJB0tp2wKwtNTFB4g2Sw8xGFMzE8Y7R_cw_cp2o1-wjilBh9J_ugXrARmExpscoyXKzD_Qa25AmTJFL4dFaomOeYLxFp8k1cPPeODv9cr_v9D/?imgmax=800" style="border-bottom: 0px; border-left: 0px; display: inline; border-top: 0px; border-right: 0px" title="579058_139808509499500_932910383_n" width="792" /></a> </p> <p> </p> <p>أن أرسم شجرة وعصفورا</p> <p>أن ألون الشمس ونرى النور</p> <p>أن أوقظ كل الفراشات والعصافير</p> <p>هذا ما أريده لكنه ليس متاحا</p> <p>فقد مات* أطفال كثيرون في غزة !!!</p> <p>(<b>مات*-</b> استشهد لأني اخترت مات احتراما للموت)</p>

أريد أشياء صغيرة..!!

أريد أشياء صغيرة..: هداية شمعون   أن أرسم شجرة وعصفورا أن ألون الشمس ونرى النور أن أوقظ كل الفراشات والعصافير هذا ما أريده ل...

مزيد من المعلومات »

بين حربين.!! نسكب الحياة على الموت

<p><b><u>في غزة تولد معاني النضال والحرية </u></b></p> <p> </p> <p>بقلم: هداية شمعون(*)</p> <p>في الحرب الماضية (2008) لم أحاول أن أمعن في صور الحرب بل أشحت بنظري عنها- رغما عني كي أواصل بقائي، ولكن في هذه الحرب لم أفلح في أن أشيح بنظري فكلما نظرت رأيتهم ينطقون/يصرخون/ لازالوا معلقين بالحياة.. هذه الحرب كريهة.. كريهة جدا لأنا جربناها قبل ذلك ونعرف ما معنى الحرب؟! وما معنى القصف والتدمير والألم!!!</p> <p>في هذه الحرب نحاول أن نعيش، وأقول حرب ثم حرب ثم حرب، فهي ليست عدوان لأن العدوان يرشقنا كل يوم ولم يقف هذا العدوان منذ زمن بعيد، لكنها حرب بشعة تحصد أرواحنا كما المنجل في حقل الفلاح والشبه بعيد.. هي حرب وجريمة وإجرام ومجزرة ترتكب ولاتزال مستمرة حتى اللحظة.</p> <p>الحرب ليست متكافئة على الاطلاق ولن تكون أبدا فنحن شعب يعيش تحت الاحتلال وجاء هذا الاحتلال على صهوة الحرب والقتل وسيظل منتهجا هذه السياسة لأنها أداته التي تغذيه بالدم.. دم الأطفال والنساء والشيوخ في غزة.</p> <p>إن هذه الجريمة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي تخالف كل الاتفاقات الدولية والمعايير الإنسانية الدنيا، وهي ( دولة الاحتلال ) صم عم لا تبالي بمجتمع دولي ولا عربي، ولا تكترث بالاتفاقات أو العهود..</p> <p> </p> <p><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjdYdNYwgFdwsN-gZY4SFz6NaFVEBKA_GcSPmPqowSPU0VVOLrM9B3q-fF0Uzqq9meRh-k62JFhc-Dk4P-JBYbtlquopZE0Eo2vscB20EBPyA1ARm3lqn3Ro4fgOZ9fAr33SJo40kac1Dwr/s1600-h/28000_518859318124377_786756535_s%25255B4%25255D.jpg"><img alt="28000_518859318124377_786756535_s" border="0" height="219" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjdl9INZPSL5NhINTRz56Mjqu7NOj84E-nanYSNBElwTriR2lQ9Lx34aarv1WKdryP2uuXS06iFwkI2xn5Lkw7e9DphcNDkV77deaKwT37wb6qr2BqZynQ6YKsaY1RXTtZx5YLBWhfDKFrs/?imgmax=800" style="border-bottom: 0px; border-left: 0px; display: inline; border-top: 0px; border-right: 0px" title="28000_518859318124377_786756535_s" width="300" /></a> </p> <p>عن من سأكتب عن عائلة الدلو التي جعلتنا نستذكر عائلة السموني في الحرب الماضية!! أم عن رزان أم عمر أم حنين أم..؟؟!! روحهم تخاطبني وتنشلني من حياة البشر فأجدهم أمامي يركضون يلعبون بعضهم يحتفظ بسريره الجديد وبعضهم استشهد محترقا مقطعا!! عن أي شيء نتحدث عن حرقة قلوب الآباء والأمهات؟ أم عن لوعة الإخوة وحزن الأقرباء..!! أم عن بيوت دكت بالأرض وصارت ردما وقبرا على رؤوس أصحابها؟! ماذا سنقول لهم حين نلقي التحية؟ وكيف سيلتقيهم أصحاب الضمائر؟؟!! في زمن شحت فيه الضمائر..</p> <p>في تلك الحرب كنا نهرع ونصرخ ونستجدي أحيانا أيا كان لإنقاذنا، لكنا في هذه الحرب شعرنا بالكرامة بالحرية رغم الموت، شعرنا أن موتنا هو طريقنا للحرية للحلم الأم إلى فلسطين وليست غزة إلا طريقنا للقدس.. في هذه الحرب عشنا تحت النور رغم أنا لم نتجاوز جدران بيوتنا.. هذه البيوت التي قد تقتلنا في لحظة كما حدث مع العديد من العائلات في قطاع غزة لكنا لم نلجأ إلا الله والسواعد التي تحمي حلمنا بالبقاء..</p> <p>في هذه الحرب وفي تلك الحرب استهدف الإنسان الفلسطيني والطفل الفلسطيني.. استهدفت حقائبهم المدرسية وأيديهم وأعينهم كي تغيب الحقيقية وهم لا يدركون أنهم يربون أبناءنا على ما نسيناه في سنوات التسوية والمفاوضات العقيمة التي نالت من روحنا وطهرنا وعفافنا.. هذه الحرب وتلك الحرب وحدتنا وضمت قلوبنا معا لأن الحرب موت والموت فناء ولكن أهل غزة جعلوا من موتهم حياة وطريقا للشرف والعزة والكرامة. . </p> <p>قالت حين أنقذونا من تحت الركام وبعد محاولات مضنية لإخراجها: أين أولادي.!؟ كانت الكلمة الأولى التي نطقت بها حين عادت للحياة، كبر وهلل كل من حاول مد يد المساعدة وبكت أعين الطواقم الطبية وارتعش الصحافيون وانحنت الإعلاميات خجلا من حياتها/موتها.. هي الأم الفلسطينية التي تنحني لها كل الاستراتيجيات الإعلامية والتي لم يشفع لها إلا أن تحولها لأسطورة ولكنها أيضا إنسانة تحب وتكره وتعيش وتموت وتربي وتعمل وتفرح وتحزن ..إنها دوما تعطي بلا حدود فتسأل عن حياة أولادها وهي بين ركام الموت وشاء الله أن تحيا من جديد.. إنها تتألم وتتعذب وقد تموت فضلا عمن يساومون بحقها في وطنها!! إنها تستحق كل أوسمة الشرف لإمرأة عاشت الموت وانتزعت نفسها من براثينه لتبقى حارسة نارنا ونورنا... </p> <p>في هذه الحرب وفي تلك ارتعشنا وتألمنا ولكنا أيضا كبرنا وزرعنا الورد بين الجدران المتطايرة، ودعانا الأصدقاء على أفراحهم وشاركناهم أتراحهم إنها الحياة بين أزقة الموت جعلت من كل فلسطيني قادرا على صوغ حياته كما يشاء مادام الموت سيخطفه متى يشاء!!.. لم يناشد عربا ولم يتطلع لقمم ولاجتماعات وليتهم يرحمونا منها لأن الميدان حياة أخرى ولأنهم يعيشون في برزخ لا يرتقى لمعنى الحياة/الموت.. إنها الحرب ببشاعتها تقصم ظهرنا وتلقينا على وجهنا دون إنذار ولكنها تعلمنا ونعلم أطفالنا أننا ننهض من تحت الركام.. </p> <p>كان أبي كثيرا ما يقص علينا حكايا الهجرة في الـ48 وذلك القيزان الذي تلقيه الطائرات محملة بالمتفجرات.. الآن أصبحت أحكي لأبي ما تلقيه الطائرات وهو شاهدا في مكانه على كل هذا الموت، وولدي أيضا يحدثوني عن حربين في عمرهم الذي لم يتجاوز السبعة أعوام فيقول أحدهم:</p> <p>- إحنا عارفين.. احنا فاهمين اليهود بدهم يموتوا كل الأولاد الصغار؟؟!! كلهم ..إحنا عارفين يا ماما.!</p> <p> </p> <p><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiWru3BoQ6RWGYymfcAHK6w5nO-8PDpwESqvAdNvFG0poXictcrAqUamLAy5KY6tRupKFlfBkZX-lomefD7yExdXuCX5S60kZeytM53dYcwqDkR6c-314aZN1Q7qrLn3DhC03e7VhJhpCAp/s1600-h/E57AI%252520%252527D-D%252527%25252C%25255B4%25255D.jpg"><img alt="مصطفى الحلاج" border="0" height="215" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhp-paYpZcpwOGrfmwtd5IWsL-IMrvuT00611rEDAMixJgKxERtghwFct4fVWo6949btmsGHjwWdcU4u97E5KJGaboL_XwZaJfaF8hz9jBFT4VM1-IwilZtpk8OmG-u_cr1BzWgIKpcQipR/?imgmax=800" style="border-bottom: 0px; border-left: 0px; display: inline; border-top: 0px; border-right: 0px" title="مصطفى الحلاج" width="390" /></a> </p> <p>نحن يا سادة لم تعد تستهوينا الحياة، ولم نعد نعرف طعما للنوم، لم نعد نفهم لغة الموت النازف في وجوه أطفالنا، لم نعد نعد الطعام أو نصنع الخبر، أو نجلس أمام بيتنا بحثا عن الشمس..!! نحن يا سادة لازلنا نعيش بين حربين وفيهما كبرنا وهرمنا وفاقت سنوات أعمارنا المئة عام، نحاول أن نكلمكم وعيوننا في المقابر تودع الأحبة، نهاتفكم ونقول لكم: </p> <p>نحن بخير نحن بخير كيف أنتم؟ نخاطب بعضنا مهنئين بالسلامة ولمن رحلوا لم يرحمونا وتركوا ثقبا في القلب.. هذه السموات ذاتها كانت في الحربين تمطرنا ويلا وألما وخوفا، صافية كانت زرقاء أو سوداء لا نرى منها إلا غربان ناعقة تشيع في بيوتنا الموت وتغادر، تأتي وترجع كر وفر ليل مع نهار.. كأن زلزالا قد أصاب رؤوسنا من شدة القصف والانفجارات حتى ليظن كل قاطني غزة أنهم موتى بعد حين.. يتحسسون وجوه بعضهم كي يوقنوا أنهم أحياء.. يطلون من أي نافذة حتى لو كانت مطرزة بالرصاصات أو التهتك، فقد غدت البيوت كأجساد أهل غزة تتهتك وتطل حزينة مسربلة بدماء أصحابها..</p> <p>لو أن حوارا بين السماء والأرض كان في غزة اليوم لاحتضنت السماء الأرض وبكت لأجل من يعيش بينهما!! شهدت حوارا بينهما حين غطت الطائرات وجه السماء وغطى أهل غزة الأرض بأجسادهم ليحموها.. فهي جزء من فلسطين وطنهم.. لو أن حوارا بين الشهداء بعد رحيلهم وبين الشهداء الأحياء دار الآن.. لذابت أفئدتكم وجعا ولكنهم رحماء بكم جميعا.. واختاروا الرحيل فجأة ودون كلمة وداع.. ولم يجدوا وقتا ليلملموا قطع أجسادهم المبعثرة والممتزجة بالقهر على الاحتلال..</p> <p>ما بين حربين خربت قلوبنا وهرمت أجسادنا ونبتت زهرة الحياة مرة أخرى في تاريخ أطفالنا المحفور بالدم.. وأدركنا أن حريتنا في حياتنا/موتنا لذا فلتحيا فلسطين ولتحيا القدس ولتحيا غزة وأطفال غزة ولتحيا المقاومة الفلسطينية موحدة وأصيلة، فما بين حربين وأكثر نلمس حريتنا ووحدتنا.</p> <p> </p> <p> </p> <p>ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ</p> <p>(*) كاتبة وإعلامية فلسطينية تقيم في قطاع غزة.</p> <p>hedayapress@yahoo.com</p>

بين حربين.!! نسكب الحياة على الموت

في غزة تولد معاني النضال والحرية   بقلم: هداية شمعون(*) في الحرب الماضية (2008) لم أحاول أن أمعن في صور الحرب بل أشحت بنظري عنها- رغما...

مزيد من المعلومات »