0

في عيد الأمهات 21 مارس

أحبك أكثر وأكثر

بقلم: هداية شمعون

2untitled

أحب أن أقول لك أني أعتذر لأني لم أزرك منذ زمن بعيد.. ربما خمس سنوات، ربما عشرة، ربما أكثر لا أعرف فقدت إحساسي بالزمن منذ رحلت، اتذكر جيدا يوم 21 أبريل في ذلك اليوم كان اليوم الأول لعيد الأضحى وكنت قد استيقظت لتوي من ليلة مجهدة قضيناها في المشفى إلى جانبك، كنت قد بدأت تستعيدين قوتك وقلت بابتسامة متألمة هي أيام معدودة وحين أخرج بالسلامة سأعزمكم كلكم في بيتي، لقد تعبت من المشفى، ومن الإبر والمحاليل.. ضحكنا وبدأ الجميع يحدد ما يرغبه من أطعمة..

كنت قد غسلت وجهي وأشعر أني أريد أن أطير لأصلك فليلة الأمس كانت قاسية وخرجت من حالة حرجة، وكلمتنا جميعا بل وانت من طلب مني واختي أن نعود للبيت ونأتي في الصباح، لكنك خالفت وعدك لنا وأتيت أنت للبيت.

كنت أقف مذهولة وأنا أنشف وجهي من الماء المتقاطر على وجهي، ولم تفارقني ابتسامي الشاحبة، فتح باب البيت وأنا في آخر الدار أرى جسدك المسجي ملفوفا بغطاء المشفى وهم يحملوك من سيارة الاسعاف إلى إحدى غرف المنزل، وجارتنا تضع يدها على فمها مشيرة لي .. لا تنطقي بكلمة ولا تفعلي شيئا قدر الله وما شاء فعل.. أصغيت لها تماما بعد أن أصبح جسدى مسجى هو الآخر على البلاط البارد، فقدت شعوري بالزمن منذ تلك اللحظات والآن بعد ما يزيد عن عشرة سنوات أتجرد من آلامي وأكتب تلك اللحظة.. كأني أراك الآن..!!

أفقت على الطبيب يدق وجهي برفق، المحلول لازال معلقا بي، لم أفهم لما التفت النسوة حولي، ولما هذا السواد من حولي، ساندوني لأراك للمرة الأخيرة مسحت على وجهك بوجهي- كأني- لم نتكلم ولم تقبليني كعادتك- كنت غاضبة منك- لازلت- لماذا لم تنتظري زيارتي لك- الآن بدأت أحلم مرة أخرى، تأخذيني من يدي وتعيدني بدفء كفيك لهذه الدنيا، نستند أحدانا على الأخرى كان الكل مسافرا أخوات وإخوة وكنا معا دوما، أقبل كل صباح يدك ووجنتيك، أعود أبحث عنك في جنبات الدار أشم رائحتك ولا أجدك، أدفن وجهي بين أوراقي القديمة وتضحكين في وجهي..

أتيت في ذلك الصباح وفقدت شعوري بالوقت.. مر أسبوعان وأنا أحدق في أوراقي البيضاء، عق قلمي وجفت دموعي، أتيتك واستحضرتك لكنك غبت عني طويلا- من منا يجب أن تغضب؟!!

كنت أغوص في رحمك وأعود لك وأنت تعودين للروح وتحلقين، كنت لازلت طفلتك، وكنت قد هرمت ولم نتفق على موعد الفراق، وهل للفراق موعد؟!! تركت جسدك ووراه الثرى، وبقيت روحك تحلق في روحي، أحبك..

الآن أردت أن أقول لك أحبك، لازلت اشتاقك، أريدك طيفا، حلما، روحا أشم رائحتك، واراك في وجوه الأمهات اللواتي لازلن بيننا، هل سيحبني أطفالي كما أحببتك!! كنت شيء آخر.. كنت كل شيء رقتك وأصابعك العتيقة، وجهك المتغضن بالفرح/الوجع، عيناك الخضراوان تتألقان رغم ابتعادك، تتمثلين الآن أمامي ملاكا.. كم أحبك..!!

ضميني لكفك الغائم/ لابتسامة على شعرك، أمطريني بقبلات لتكون زادي، وأحرقي وجعي وأنثريه رمادا، ثم اسقيني من أنفاسك/ كم أحبك، وكم تحلو ضفائري الشقراء لعينيك، هل تقبلين ألا أقص شعري أبدا- فطالما أحببته طويلا- وتكحلي مسائي بطيفك.. مرة أخيرة

الليلة هي لكل الأمهات وبناتهن وأبناءهن، والليلة هي لي ولك رغم ابتعادك، فدوما ما هربت من ألم هذا اليوم، لكني هذا اليوم من هذا العام سأعلنه يوم احتفالي بروحك، فلابد سنلتقي يوما، أماه أحبك كما لم أحب أحدا من قبل، فدثريني بذكراك، لتكوني شعلة نابضة في ذاكرتي ولتبقي أيامنا وذكرياتنا نبراسا ينير دربي، أحبك أكثر وأكثر..

اليوم هو عيد كل الامهات، وعيدي معك كل يوم، كل ساعة، وكل دقيقة.. أحبك أكثر من أي وقت مضى

ابنتك التي تحبك أكثر

وأكثر

وأكثر

21/مارس/2011

إرسال تعليق Blogger

 
Top