أصوات من تحت الأنقاض
كتبت: هداية شمعون
في غفوة من الحياة تعبوا كثيرا من شدة أصوات القصف والانفجارات من حولهم ولوعة قلبهم وحرقته من المشاهد التي أطلت على شاشة التلفاز المحلي أطفال محترقين.. نساء مقطعات أشلاءا.. عجائز يحملونهم بحالة ذعر كبيرة من بيوتهم الآمنة والتي باتت قنابل موقوتة بأصحابها..!! شاهدوا وتعبوا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل.
بعضهم بكى كثيرا حتى نال منه التعب وغفا غفوة الحياة.. الفجر أوشك على البزوغ ينازع الليل بخيوط فيعود الليل ويلتهم الفجر رافضا أن ينسحب في دورة الحياة الطبيعية..
تعبوا فغفت أعينهم وأجسادهم تنتفض.. لم يسمعوا صوتا كان هنالك زلزال اهتزار عنيف مالوا يمينا ويسارا بعضهم سقط من الأرائك وهوي سقف البيت على رؤوسهم.. سقطوا في جوف عميق كأنما احدهم ابتلع الهواء وامتصه من المكان فتراخت أركان البيت ..كل شيء يطير.. ثواني ودقائق ثقيلة جدا..!! كل الأشياء وقعت وتراخت أسطح البيت وبانت غفوة الحياة من بين الموت ..
البعض من العائلة أكمل غفوة الحياة ووصلت بصمت وهدوء شديد بغفوة الميت لتفر روحه هاربة من جهنم التي عاشتها .. لم يكن بالإمكان ان يعرف أحد ما حدث صاروخين حربيين إسرائيليين استهدفا المنزل الآمن دون سابق انذار هكذا دون تحية قبل الموت..!!
ماري ذات الاثني عشرة عاما لم تتمكن من الموت سريعا واحتضنتها زاوية بالبيت حاصرتها كل أجزاء المنزل اعمدته وأثاثه وبعضا من أجزاء عائلتها لكنها كانت تلتقط أنفاسها بصعوبة وصرخت عاليا.. صرخت فهرب الموت.. وصدرت أصوات الأحياء كأنما تشجعوا على الحياة.. بكت الجدران على مشهد أصحابها ولم تعرف منهم أحدا بعد ان احترق بعضهم وتقطع آخرون ..
خمسة أجساد هربت روحها وفرت تهرول تشتكي إلى بارئها هول وبشاعة الحرب.. القتل والإبادة لم يعد مفهوما كيف يتحمل الموت كل هذه الأنفس دفعة واحدة..
صرخات الأحياء خرجت من تحت الأنقاض باتت تصل إلى مسامع الجيران هنالك أمل بأن أحدهم لازال على قيد الحياة.. صرخ الجيران وهرولوا رغم خطورة الموقف والخشية من صاروخ آخر على سكان البيت الآمنين.. لكنهم اسرعوا ينحتوا من حجارة البيت والركام الذي غير معالم المكان.. إنهم يصغون لأصوات صرخات الأحياء ..مصابين.. مكلومين.. لكنهم يحاولون معانقة الحياة..
ماري لم تمكث كثيرا وفرت روحها من الوجع وتركت جسدها الصغير يئن من عناق حجارة البيت فسالت دماءها حتى آخر قطرة..!!
نسيت ماري قبل أن ترحل أن تذكر لكم أن اليوم ثاني أيام عيد الفطر السعيد !!!
#غزة_تحت_القصف
#GazaUnderAttack
#رفح
#Rafah
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) كاتبة وإعلامية فلسطينية تقيم في غزة
إرسال تعليق Blogger Facebook