#غزة_تحت_القصف
كتبت: هداية شمعون(*)
كثيرة هي القصص المعلقة برقبتي. امرأة تحت الركام، وأخرى قتلت وجنينها، وامرأة عجوز طارت من شدة القصف ثلاثة أمتار عند باب الجيران، وجنين خرج للحياة لحظة استشهاد أمه.. الأم ميتة والطفل حي. هكذا قال الله. كلمته.. وعائلة بأكملها من كبيرها لصغيرها أكلتهم الدار وأطبقت عليهم خوفا من صاروخ حربي نحوهم.. ومجموعة نساء وطفلات هربن من بيت بفعل صاروخ تحذيري ليلحق بهن صاروخ حربي ويحولهن كومة لحم. يتسلى الجندي الطائر بالنساء المذعورات والأجساد الصغيرة للأطفال وركضهم للبحث عن أمهاتهم.
كثيرة هي القصص والمآسي التي لازالت مدفونة تحت الركام بحاجة لأحياء ينتشلونها!! كيف يمكن أن تتشبث ذراع قصة تتألم من بين أنياب الحطام والدمار. !! بعض القصص نبتت لها أسنان حاولت أن تعض على التراب لتبقى على قيد الحياة وتخبر الآخرين روايتها دون جدوى.
وعشرات القصص ومئات الحكايات لنساء هجرن من بيوتهن وركضن في الشوارع حافيات الأقدام وأيديهن تعانق أيدي أطفال صغار لم يكفوا عن البكاء والصراخ، ومئات القصص لأطفال تمزقوا بفعل شظايا صاروخ أو قذيفة وسقط حلمه مضرجا بالدم.. ونساء أخريات ليس لديهن الوقت للبكاء للعزاء للحزن.. لا وقت لا وقت لكل هذا الألم عليك أن تقاوم الموت وتحافظ على رمقك الأخير كي تكمل روايتك يوما ما..!!
كثيرة ومفجعة أكثر من الموت قصص الحرب العالقة في ذاكرتي.. معلقات هؤلاء النساء والأطفال والبيوت في رقبتي في نومي وصحوي.. يعانين بصمت وتحمل وجلد.. يبكين وحدهن بدلا من النوم ..يحضن صغارهن بدلا من الانهيار.. يحافظن على قوتهن أمام الصغار كي يبقين على قيد الحياة .. يبحثن بتواضع عمن يصيغ معاناتهن ..موتهن.. وحياتهن!!!
يبحثن عن حماية عن قوانين تحميهن!! يبحثن عن سقف آخر لن ينهار على رؤوسهن.!! يبحثن عن خيمة صغيرة تضمهن بأطفالهن. عن وردة تبعث فيهن الأمل. عن حياة أخرى بعيدا عن القتل والدمار والتمزق والدماء.!!
آلاف القصص معلقة في جلدي ملتصقة بدلا من شراييني!! رغم أنهن حين تلتقيهن لا يقلن شيء ويصمتن ويرددن الحمدلله فقط!! لكن خلف عيونهن الغائرة ألف معاناة وموت.
كل القصص باتت أصابعي التي تكتب وذاكرتي التي تيقظت لأجلهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) كاتبة وإعلامية فلسطينية تقيم في غزة
إرسال تعليق Blogger Facebook