0
 كتبت: هداية شمعون

ملكة المخيم بجدارة.. اسمها أمل وزعته في كل زاوية من مخيم الشابورة، زرعته شتلا في قلوب أطفالها الذين أرضعتهم حب الوطن والمعنى الحقيقي للنضال، روت المطاردين من صبرها وجرأتها قوة وحضنا آمنا لثورتهم الشريفة، تنقلت بين قلوب البيوت بيتا بيتا، حملت خبزا وماء وسلاحا في وقت لم يفتح بابا ولا نافذة في منع التجوال في الانتفاضة الأولى، ارتدت الشجاعة ثوبا وحاكت لنساء وشباب ورجال المخيم علما وقت كانت فيه ألوان العلم تعني معتقلا وتنكيلا من جنود الاحتلال الإسرائيلي، لم يوقف ثورتها اعتقال أبنائها الأربعة، بل زارت العشرات غيرهم في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، حملت الرسائل لفلسطين ولم تخش هراوة جندي إسرائيلي، ولا كعب بندقيته ولا رصاصته، بل انتزعت منهم دوما كرامتهم ولم تحني أبدا رأسها للجلاد، كانت تقف شامخة بين عشرات الجنود لا يرف لها جفن، ثم تضحك ملء فيها، وكل أطفال المخيم خلف ثوبها الأسود، تحتضن خوفهم ووجعهم، بيتها كان ملكا للمخيم لذا في رحيلها أهداها المخيم كل الحب وتدافعت الروايات والقصص والحكايا التي عاشها أطفال وشباب الانتفاضة ليصبح بيت العزاء أسطورة ثورية نضالية اسمه الملكة أمل، ملكة المخيم بجدارة.. وعاد الصغار الذين كانوا في حضرتها ليروا حكاية سيدة المخيم وثورتها مرة أخرى وأخرى فقد شربوا الصدق والحب والحنان والرضا والثورة والأمل من بين يديها ومن قلبها الكبير.. 

هي سيدة حفر تراب المخيم تجاعيدها، وأخذ من لحمها قطعا ليستر خوف وجوع الكثير من الأسطح المهترئة، هي سيدة لم تلحق به
ا كاميرات الاعلام ولم تلتفت إليها الأعين حين فقدت بيتها قالت: الله يعوضني، وحين اعتقل أبناءها قالت: في سبيل الوطن، وحين أصيبوا برصاص الاحتلال قالت: كغيركم من الشباب هذه ضريبة حب الوطن، وحين علمت أبناءها وبناتها من عرقها وتعبها ابتسمت وقالت: الحمدلله فالعلم هو سلاحنا، وحين مرضت وأنهكها المرض قالت: الحمدلله، وحين أنهكها المخيم بحره وعرقه وقهره لم تتذمر بل سألت عن كل أحبابها لتقول لهم سلاما.. وتودعهم المخيم أمانة وميراثا فهو كل ما ملكته في حياتها..
عزاؤنا يا سيدتي هو حب المخيم برجاله ونسائه وأطفاله لك، وتقديرا واحتراما لكل نساء جيلك النساء النساء اللواتي ربين جيلا، ودافعن عن الوطن بعرقهن ودمهن وتعبهن..
عزاؤنا يا سيدتي أن كل حيطان مخيم الشابورة كانت ولازالت شاهدا على نضالك وحبك..
عزاؤنا يا سيدتي أنك أصبحت مخيما في قلوب ناسه ومستقبل أطفاله.. لله درك يعلم الله كم أحببناك وكم يؤلمنا فراقك لكنها راحتك الأبدية.. لله ما أعطى ولله ما أخذ

إرسال تعليق Blogger

 
Top