1

#غزة_تحت_القصف

                                                                         كتبت: هداية شمعون(*)

  الحرب غيرت طعم القهوة والحلوى لم تعد كما كانت.. فلم يعد هنالك من يطلبها بعد أن رحل الصغار.!! طعم المرارة في أحداقنا وقلوبنا اليوم هو اليوم الثالث عشر للحرب.!! للموت المباغت..!! نسلم نودع بعضنا كل يوم نتهاتف نحاول أن نشد أزر بعضنا البعض لكن الوقت بات يدركنا.. كلنا نشعر بدنو القذائف اللعينة من رؤوسنا.!! لا أصدق أنه وصل المشفى بنصفه السفلي فقط !! شاب من رفح في بيته قسمته القذيفة المدفعية نصفين نص وصل المشفى في اليوم التالي والنصف العلوي .. الرأس والصدر والظهر واليدين لم يصلا بعد.. مضى يوم آخر ولم يلتئم جسده بعد كي يحمله الكفن الأبيض.. كي يودعه أصدقاؤه ..!! كي يدفن !!!

عن أي قهوة لعينة أحدثكم؟؟ عن الغصة في حناجرنا تلك التي باتت تسكن فينا بدل الدمع؟ يالله ما أشقاه ذلك الذي لا تسيل دموعه لأنه يكتم غيظه حزنه قهره خوفه موته ويتحول إلى كائن موجوع موجوع هل يعرف أحدكم معنى الوجع في غزة؟!!

***

ؤقغهىل

مغامرة العيش في غزة .. مغامرة قد لا تتكرر لكنها معنا تكررت ثلاثة مرات على الأقل .. كبر أطفالنا وعمرهم لم يتجاوز العشرة أعوام وشهدوا عدوان إسرائيلي يأكل الأخضر واليابس ثلاثة مرات في أعمارهم!! كيف نعيد لهم ذاكرتهم الطفولية وعن أي طفولة سيحدثون صغارهم يوما ما!!

مغامرة العيش تحت القصف بدون كهرباء ولا ماء ولا أمان ولا نوم ولا جسد!!

الحياة هنا أشبه باللاوعي تظن أنك على قيد الحياة ولكنك في حقيقة الأمر تحتال على الحياة وتقف في طابور طويل لا تعرف من أين يأتيك الموت.. يباغتك من السماء أم من البحر أم من الأرض.. إيمانك بالله هو الميزان الوحيد الذي يعيد لك وعيك فتشعر أنك أنت وهذا بيتك وهذا وطنك المسلوب.

لكن الموت بأعيننا هو القلق والترقب والانتظار.. الموت هو رؤية الشهداء وقد غدو أشلاء، ولا يمكنك تذكر وجوههم الجميلة، تقف ذاكرتك عند صورة مبعثرة تبعثر روحك وتردك إلى الأرض السابعة، وقد يمتد بك البحر ويهدر بركانك فتصرخ من الفجيعة.

فجيعة الأم بطفلها/ أطفالها.. الموت هو وداع أحبابك كل لحظة كل ساعة.. أحيانا ترغب بالصمت والتحديق طيلة الوقت في وجه من تحبهم لأنك لا تعرف هل أنت من سيغادر أم هم من سيغادروا أم أنتم جميعا..!!

الموت في غزة لا يأتي دفعة واحدة!! ولكنه قد يأخذ عائلة بأكملها دفعة واحدة..! مفارقة الحياة والموت خلقت في غزة

الموت يهدهدك ثم يجعلك طيلة الوقت بانتظاره وإذا تجاهلته وشربت من الحياة فإنك تثير غيظه ويظل يحوم حولك حتى تستسلم لهيئته ثم يتركك تتلو صلواتك وهذيانك..

يتركك وصورته تتربع في مخيلتك.. كل الأجواء حولك تذكرك به.. الطائرات ..الصواريخ.. البوارج.. الدبابات.. القنابل.. الانفجارات.. وأنت عاري إلا من جسدك وصلابة روحك وإيمانك..

جيش بأكمله يغز أشواكه في غزة في شعرها في صدرها في وجهها.. جيش بأكمله كامل العتاد يحارب طفل فلسطيني في غزة كان قد سلب أجداده أرضهم بلدهم وذكرياتهم.. جيش بأكمله يريد أن يمحو أحفاد من قتلهم واحتل أرضهم.. يريد أن يسلبهم ما تبقى لهم .. جيش بأكمله يضرب بأقصى قوته وكأن غزة قطعة جاتوه أمامه ..كأن من فيها هلام كأن من فيها بلا أحاسيس كأنهم لا يشعرون لا يتألمون لا يبكون لا يتعبون لا يملكون دمعا كأنهم فقط يملكون دما يشبه دم البشر فيدوس بكل ما أوتي من قوة أجساد الصغار والأجنة في أرحام أمهاتهم..! كأنا في غزة لسنا بشر !!

نحن يا سادة بشر مثلكم نشعر ونتألم ونبكي ونفقد أرواحنا نفقد عائلاتنا نفقد بيوتنا!! نحن من يدفع ثمن مؤامراتكم على غزة ..

غزة تعيش مؤامرة على حياتها، تعايش إبادة جماعية لأسر بأكملها.. وأنتم تدركون تتفرجون تدفعون أيضا لمن يجتز رؤوسا أكثر.. غزة ليست رقما لكن بعض العيون بحاجة لما يصدمها حينا .. عائلة البطش فقدت 18 بشرا منها.!! عائلة الحاج فقدت 8 بشرا منها..!! عائلة أبو جراد فقدت 8 بني آدمين منها!! عائلة كوارع فقدت 8 إنسان منها..!! عائلة الغنام فقدت 5 من أفرادها..!! وأغلب من استشهدوا من كل هذه العائلات هم من النساء والأطفال بل والأجنة أيضا ..!!

في غزة وجع وإبادة للإنسان الفلسطيني.. هل تكفي ليلة أخرى في الحرب لتشعروا بنا أهل غزة!!

20.7.2014

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) كاتبة وإعلامية hedayapress@yahoo.com

إرسال تعليق Blogger

 
Top