كتبت: هداية شمعون (*)
الآلاف من النساء الفلسطينيات في مدارس الإيواء والحواصل والشقق غير المؤهلة للسكن.. وفي مدارس الايواء وجدت في صف واحد بإحدى المدارس 80 فردا من عائلات مختلفة أغلبهن نساءا وأطفالا..!!
بالكاد تجد النساء متسعا على الأرض ليضعن أجسادهن آخر النهار، ويتمددن بين أطفالهن بجلبية ومنديل على الرأس، وبنطال داخلي أيضا لأنها ليست لها أي خصوصية في مكان يعتبر عاما وليس خاصا، غطاء الرأس تصبحن وتمسين وهن ترتدينه فقد بات مثل يدهن ورأسهن، جزءا من جسدهن لا يفك أو يحل أبدا.
أما شعرهن فقد نسينه بعد أن نسين تسريحتهن وغرفتهن وبيتهن في الحرب، الحرب حرمتهن من خصوصيتهن ومن أمانهن ومن هويتهن وجعلتهن كالطاحونة.. النساء كحبوب القمح يتم هرسهن في الحرب.. وجعهن يراه العالم بعدد الشهيدات وعدد المصابات وعدد البيوت..!! لكنه لا يعرف عدد النساء المهجرات والنساء اللواتي فقدن غرفهن وبيوتهن وأغراضهن ومراياهن وذكرياتهن وأيامهن وأحلامهن..!!
العالم لا يعرف الحياة القاسية والمفهوم لمعنى التشريد والتهجير، أن تكون عزيزا ثم تهيم في الطرقات تبحث فقط عن أربعة جدران حتى لو شاركتك فيها خمس عائلات أخرى..!!
لقد نسيت النساء أن شعرهن بحاجة للهواء والشمس وإلى مشط، وأن أجسادهن بحاجة إلى حمام ساخن ينسيهن بعضا من قسوة ما عشنه ولازلن، كل ما تفكر فيه النساء كيف تحمل أطفالها بأسنانها وتفر بهم من جحيم القذائف والصواريخ والنار الملتهبة، طيلة الوقت تلتصق بهم ويلتصقون بها.. نموت معا أو نحيا معا.. هذا لسان حالهم..!!
النساء نسين هيأتهن على حافة الحرب ونسين حياتهن حيث تركن بيوتهن مكرهات.. الحرب كريهة وأكثر من يكرهها النساء.. لأنهن لا يعدن كما كن.. كيف سترد على أسئلة الصغار كيف ستحمي الصغار وهي باتت بدون حماية..!!
.. حمام المدارس هو عبارة عن طوابير طويلة طويلة جدا.. الأفضل ألا تفكر النساء فيها لأكثر من مرة في اليوم..!! الانتظار قاسي والمسافة طويلة والوضع مرهق.. الحمام ذو الرائحة الكريهة بات مطلبا لكن ماذا تفعل النساء المريضات وكبيرات السن والحوامل واللواتي يحتجن لرعاية خاصة..!!
تتساءل النساء عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان.. يتساءلن عن الاتفاقيات الدولية وعن مجالس حقوق الإنسان، والجمعية العامة للأمم المتحدة وجمعيات المرأة الأممية..!! ويتساءلن عن القرارات الخاصة بحماية النساء وسط الحروب والنزاعات المسلحة..! هل النساء الفلسطينيات جزءا من المنظومة الحقوقية ؟!! هل هن بشر .!!
ربما عرفتم الآن لماذا نساؤنا الفلسطينيات لا يمشطن شعورهن بالحرب ؟!!
لأن بعضهن فقدن رؤوسهن فلم يعد هنالك معنى لتمشط الشعر..!!
ولأن بعضهن فقدن شعرهن واحترقن بفعل الصواريخ الإسرائيلية. !!
ولأنهن لم يعدن في بيوتهن الآمنة فلم يعد بإمكانهن البحث عن مرايا آمنة لأنهن في مكان مشاع ووسط عشرات ومئات المشردين مثلهن، وجوههن البائسة لا تجد متسعا ووقتا للتفكير في شعورهن الجافة..!!
وربما لم يعدن يمشطن لأنهن عشن وجعا لا يطاق ولا يحتمله بشر..!! فهل ستقولوا للجان التحقيق لماذا لا تمشط النساء الفلسطينيات شعورهن في الحرب..!!!
25.7.2014
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) كاتبة وإعلامية تقيم في غزة
إرسال تعليق Blogger Facebook