2

معاناة من نوع آخر

 

كتبت: هداية شمعون (*)

"أشعر بالقرف والاشمئزاز بمجرد دخولي للبيت المشوه؟!! بيتي بات مشوها برائحتهم القذرة ورسوماتهم المرعبة التي تركوها على الجدران، بيتي بات كل ركن فيه يحكي معاناتي، فغرفة أطفالي كانت ساترا لهم إذا جعلوا خزائنهم قطع على الشبابيك والأبواب، فجوات في كل مكان بالصالون وغرفة النوم والمطبخ للقناصة معبأة بأكياس رمل، كل ملابسنا ممزقة وملقاة على الأرض، حتى حقائب سفري حولوها مرحاضا لقذارتهم!!!"

٢٠١٤٠٨٠٥_١٣١٩٢٠

الصيدلانية "منى يوسف أبو لولي" صاحبة بيت في الشوكة برفح خرجت من بيتها مع بدء الهجوم البري الإسرائيلي لأنها في ضمن مناطق رفح الشرقية ومن المناطق الخطيرة، ولجأت للأقارب في وسط رفح حين اشتد القصف والقذائف الاسرائيلية، عادت "أبو لولي" مع بداية هدنة الثلاثة أيام الماضية كي تتفقد بيتها وأغراضها فصدمها مشهد البيت الذي تم تخريبه وتشويهه، ولم تتمالك أعصابها وهي تصف البيت مضيفة:

" بنيته من عرقي وتعبي وعملي كصيدلانية، زوجي شهيد وهذا البيت جديد بكل ما فيه جدرانه وأثاثه كل شيء لم نكد نسكن منذ عام ونصف فقط، انظروا إليه..!! لا أكاد أعرفه أشعر أني مخنوقة لا أتصور همجيتهم لقد سرقوا شهادتي الدكتوراة ومزقوا الشهادات الجامعية والمدرسية لأولادي ولي، ولم يتركوا ورقة بالبيت إلا عبثوا فيها، حصالات بناتي وأولادي كانوا يحوشون فيها مصروفهم للمدرسة سرقوا كل ما فيها، لم يتركوا شيئا من حقائبي إلا عبثوا به وأخذوا ما فيه وألقوه خارج البيت، ملابسي وملابس أطفالي كلها ممزقة أو بها رائحة قذرة، خزانات الأولاد كلها محطمة وقد استخدموا أبوابها ليضعوها ساترا على الشبابيك، مطبخي دمروه فعلا كان به أثر قذيفة حطمت الواجهة الأمامية من الخارج وحطموا ما فيه وجعلوا من الثلاجة ساترا أيضا لهم، وفي كل مكان بالبيت تجد الفتحات الدائرية في الجدران وليخرجوا أسلحتهم القناصة منها، لقد شوهوا كل شيء جميل لي بالبيت"٢٠١٤٠٨٠٥_١٣١٩٤٧

وتصمت وهي تزداد اختناقا:" أكثر ما أثر بي ما فعلوه بصورة زوجي الشهيد التي احتفظ بها كذكرى مع أولادي وقد وضعوا دوائر حول رؤوسهم وأسالوا الدم من عيونهم!! لماذا كل هذا الحقد والنازية للأطفال..!!"

وتشير للرسوم التي رسمها بعضهم على الحيطان، والتي تنم من ساديتهم ووحشيتهم.

 

تدور في البيت وتشير لكراتين الطعام والمعلبات والخبز التي تركوها خلفهم، حتى المفارش والبشاكير وضعوها على شبابيك ومناور البيت كي لا يراهم أحد، وجعلوا من بيتي مقرا لإجرامهم، لا أستوعب الرائحة الكرية بالبيت لا اشعر انه بيتي ولا اعرف كيف سأتعامل مع الأمر؟؟!! وكيف سيتقبل أولادي ما حدث هذا إذا تمكنا من العودة له مع استمرار هذه الحرب الشرسة.!!

يتنتابني شعور سيء لا أستطيع توصيفه، اشعر باستياء وغضب عارم واشعر أيضا بالقرف والاشمئزاز مما فعلت لن يعود حالنا كما السابق.

وتختم بقولها شعرت أني أدخل مزبلة ولا أدخل بيتا كان يأوينا وكان ملاذنا.

٢٠١٤٠٨٠٥_١٣٢٨١٦

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) كاتبة وإعلامية تقيم في غزة

إرسال تعليق Blogger

 
Top