بقلم: هداية شمعون
يا قلبنا المحروق عليك يا ليبيا.. وهؤلاء الملقون صرعى بالشوارع، بين أزقة البيوت.. يجابهون رصاصات الغدر بصدورهم العارية، ينفخون في السماء علها تستقبل أرواحهم الهاربة من الدماء المسربلة في الشوارع، في وجوههم، بين ثنايا قلوبهم يسيل نهر الدم لا يوقف جريانه صوت أو كلمات..
يريدون أن يقولوا شيئا لكن أرواحهم حلقت عاليا، يريدون أن يصيحوا قبل أن تسقط أجسادهم لكنهم يموتون الآن أمام أعيننا، نأكل ونشرب ونحيا بلون الدم، إنهم يرحلون فرادى وجماعات يهربون من دنيانا ويتركون خلفهم أجساد محترقة، تتبخر من النيران الصماء، يتركون أجسادهم أشلاءا، نشيح بوجوهنا عن البقايا.. البقايا النازفة
لم نعد نبكي، لم نعد نصرخ، لم نعد نعرف أمواتهم من الأحياء، هذا الجسد لا زال متعلقا بدنيانا، هذا الجسد ينتفض يصفع وجوهنا بدمه ويرشقنا ليقول شيئا لكنه سرعان ما يسافر مع الملائكة يغسلون دمه من روحه ويلقون لنا بجسد مثخن بالجراح، أجساد أخرى تنتفخ لا تجد من يواريها، وأجساد أخرى لا زالت ترتعش سارع الغزاة المرتزقة بدفنها تحت التراب، بحرقها، وكأننا لن نعرف مكان الأجساد الممزقة بالموت، وكأننا لن نشتم رائحة الموت من أنحاء ليبيا.. هناك في مصراتة وباجوراء.. هناك حيث يلتحم الموت مع الحياة ويبقى الأحياء يخفون أنفاسهم عل سيوف المرتزقة تعمى عن وجودهم، لكن جسد الصغير يغرد للحياة فتعاجله رصاصات الحقد ويبقى بيد أبيه نصفين يسقط أحدهما وتصيح ليبيا.. يا ولدي.. يا أبنائي هل تمزق الأم أبناءها إربا.؟ هل تسكب أم فلذة كبدها بالزيت الحارق وتبقى لتحيا على جبال من الجثث والدماء؟؟ هل كان لها أب أو أم .. لا لم يكن لها أب أبدا إنما كان زعيم عصابة يدفن ابناءها الصالحين ويكبر بطنه وينتفخ عقله في عظمة مفتعلة.. ليبيا وجدت نفسها وولدت من جديد رغم نهر الدم ولدت من أرواح الآلاف المصطفين في قبور جماعية..
يا قلبنا المكلوم أين لهذا العالم أن يكون هو ذاته؟؟ أين لنا أن نؤازر اخوتنا وأحباءنا في تاجوراء وطرابلس، اين لنا بمن يوقف الغول الذي يبتلع أبناءها ويقتلهم ليلا ويخفي جثتهم نهارا، لماذا عشنا أيام الهزيمة والقهر والوجع والخذلان العربي منذ نعومة أظافرنا، تعذبنا وهجرنا وولدنا في مخيمات اللاجئين ولازلنا نعاني وحدنا هي الشعوب تتوجع دائما، والآن مع أمل الانتصار والصحوة للشعوب العربية كافة يسفكون دماء الأبرياء ولا يرف لهم جف، وننتظر انتزاع التضامن والبيانات الهزيلة من الجهات الرسمية دائما، دائما تقف الدبلوماسية والتحفظات في وجه الموت الواضح الذي لا يحتمل لبسا او زعما أو تكذيبا.!!
يا قلبنا المكلوم عليك يا ليبيا .. يا قلبنا المحروق على شهدائك وأطفالك.. إنهم يعبرون الآن جسر الحياة ويتركونا في لوعتنا، ويتركون لنا محاولة أخرى للحياة.. إليك يا ليبيا نرفع أصواتنا وكلماتنا علنا نقبل الحياة يوما آخر..
إرسال تعليق Blogger Facebook