حرية الرأي والتعبير ما بين الممارسة والوعي الثقافي
هداية شمعون
ما بين الممارسة والتطبيق يزداد هامش مساحة الحريات العامة والخاصة أو يتقلص وينحسر وتشكل عوامل ومؤثرات كثيرة متداخلة ومعقدة في تأصيل الفهم والممارسة والتكوين الثقافي في مجتمعنا الفلسطيني، فهنالك المؤثر الأول والأساس وهي التنشئة الاجتماعية، تليها مرحلة التعليم ودورها في تأصيل مفهوم حرية الرأي والتعبير( وتشمل كافة المراحل من الابتدائي على ما بعد الجامعي)، إضافة إلى دور المؤسسات الحقوقية والأهلية في تعزيز مفهوم الحريات ورصد وتوثيق الانتهاكات الخاصة بحقوق الإنسان وكافة الحريات التي نصت عليها مواثيق الشرعة الدولية، ولا يمكن إغفال الملكات الخاصة بالمدافعين والمناصرين للحريات مضافا غليها التنشئة السياسية الحزبية، وتأتي كل هذه المؤثرات في خلفية الإرث المعرفي والتراثي فكلما تراجع هذا الاستثمار للمعرفة وتنوع الآراء واتاحة مساحات الحوار كلما تراجعت حرية الرأي والتعبير، والحريات العامة والخاصة.
إن روح حقوق الإنسان تتجسد في الحقوق المدنية والسياسية التي تشمل الحق في الحياة، والحرية والأمان الشخصي، والتحرر من الرق والتعذيب، والمساواة أمام القانون، والحماية من التوقيف التعسفي والاحتجاز أو الإبعاد القسري، والحق في المحاكمة العادلة، الحق في المشاركة السياسية، كما تضم الحريات الأساسية وهي حرية الفكر والضمير والمعتقد الديني، وحرية التجمع السلمي وتأسيس الجمعيات.. وغير ذلك، كما وتتجسد في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تتصل بالحق في العمل، والحق في الأجر المتساوي، والحق في تشكيل أو الانضمام إلى النقابات العمالية، والحق في العيش الكريم، والحق في التعليم والحق في المشاركة بحرية في الحياة الثقافية، والتي ربما بتنا نحفظها عن ظهر قلب لكن السؤال الذي يطرح نفسه بالفجوة ما بين ما تنص عليه الاتفاقات والمواثيق والقوانين وما بين الوعي الرسمي والشعبي بهذه الحقوق والانتهاكات التي تمس برمزيتها وأحيانا كثيرة يضرب بها عرض الحائط، كما تدل العديد من الشواهد في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.
فللأسف لم تترجم الحريات كثقافة متأصلة على أرض الواقع في مجتمعنا الفلسطيني، بل تقوقعت في نصوص ترفعت أن تلامس الواقع المعاش، وروح الحرية في قرار الأمر، إن التنشئة الاجتماعية أصاغت الكثير من المؤشرات المستقبلية لهدر تأصيل المفهوم العام لحرية الرأي والتعبير، بل كانت في بعض الأحيان معول هدم وتكريس للذاتية والانزواء في عباءة المجتمع
إن النظام الإعلامي في مجتمع ما، ليس سوى انعكاس للنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي السائد في هذا المجتمع ودرجة التطور الحضاري به كما يذهب د.فاروق أبو زيد [1] وجزءا من الخطاب الإعلامي السائد في فلسطين يجب أن يتحمل مهمة تعزيز ثقافة حقوق الإنسان ولكن الأساس أن كل مكونات المجتمع المدني تعزز هذه الثقافة والبيئة المجتمعية والثقافية فهذه الثقافة لم تأتي من الهواء بل انبثقت من التنشئة الاجتماعية والسياسية والثقافية لأفراد المجتمع ومن ثم سيسهل أن تنعكس كمرآة من خلال الإعلام، فهنالك الحلقة الأولى وهي التنشئة الاجتماعية تليها المدرسة ثم الجامعة ثم مكان العمل والمجتمع المدني والأحزاب التي زرعت في السنوات الأخير مزيدا من التعصب والتشبث برأي الحزب على المصالح العليا وللرؤية الحكيمة، كذلك حلقة النقابات والأندية، ولا نغفل ابدا وجود الاحتلال الإسرائيلي كمعوق أساسي، وحالة الانقسام الفلسطيني التي تلقي ظلالها على كل الحلقات بما فيها الإعلام بكافة أشكاله فهو حلقة مهمة لكنه ليس حلقة وحيدة فأي خلل في مهمات كل حلقة إنما سيؤدي إلى خلل في الحلقة الإعلامية ومن ثم يعيد إنتاج سادية الآراء والأفكار وافتقادها لمساحات الحرية كما يرى المتفحص للمشهد التعبيري في مجتمعنا.
ومع إسقاط الكثير من التقاطعات الإنسانية والفكرية وربما التنموية لكن جوهر الخطاب يعود ويتقوقع في المظهر والسلوك.. حرية المعتقد والرأي والتعبير بعيدة كثيرا عن ثقافتنا وجديتنا في مفهوم الحريات مفهوما نظريا وتطبيقيا.. وحتى حين نتفق على المتفق عليه تجد الآخرون يرغبون في قوقعتك في زاوية محددة رسمها عقلهم.. وتتناسل الصورة أو الجماعات تزيد أو تنحسر.. فتجدهم يهزمون فكرهم لأجل النيل من فكرك، ليس في الأمر فلسفة فالشواهد كثيرة، لنجد أنفسنا أمام السؤال الحقيقي: ماذا نعني بحرية الرأي والتعبير؟.
أن أقول ما أريده معبرة بحرية ودون أذى؟ وما مفهوم الأذى؟ وما مدى حدود الحرية دوما السؤال الباحث عن إجابة كونية يتصدر الواجهة: فحين يقول الله تعالي” لكم دينكم ولي ديني” فهذا يعني تعدد، احترام، رؤية، بصيرة، اختلاف، تعايش، حرية، فنحن لم نخلق لنكون متشابهين بل مختلفين لكن كل يحترم كل منا الآخر وهذا ينطبق على الفرد، والأسرة، والجماعة، والحكومة والسلطة..
إن الحرية ليست احترام الحكومة فقط أو أصحاب العقد الاجتماعي، فحرية الرأي والتعبير إنما وجدت للحفاظ على حرية الأفراد أنفسهم والجماعات واتاحة الفرصة لجميع الأطراف بممارسة هامش الحريات المتاح بالشكل الذي يخلق حركة فكرية معنوية هادفة تدفع للمجتمع بأكمله للأمام وللأفضل وليس أن تمارس الجهات المسؤولة أو الحكومية انتهاكات تحت سطوة القوة والنفوذ على الأفراد والجماعات دون وجه حق.
فالأفراد خلقوا أحرارا يملكون آراء وتوجهات مختلفة وحضورا للتعبير عنه بأشكال متعددة أتاحها لهم القانون، ولكل فرد مفرداته وتغريداته التي يجدها تعكس رأيا أو بصمة، فإن تفرغنا( أفرادا وجهات مسؤولة) لصراع وحرب ذاتية فلنا ذلك وعلينا أن نتحمل تقزيم مفهوم الحريات وانعكاسات ذلك على مجمل القضايا الوطنية والانسانية، وإن قررنا أن ندافع عن قضايانا الوطنية وآرائنا على اختلافها وتنوعها فلنا ذلك أيضا وهنا يعود الأمر لمدى سعة أفق وقدرة الأفراد والجهات المسؤولة على فهم ورؤية الصورة كاملة وشاملة ولانعكاسات ذلك على حياتنا اليومية بكل تفاصيلها ولا تسمح بانكشاف المجتمع الفلسطيني واضعافه إذ تتركز قواه في الدفاع عن هويته الوطنية، وفي نضاله مع الاحتلال الإسرائيلي لا أن يذوب في قضايا انهزامية لا تدلل إلا على إشكالات حقيقية في العقلية البوليسية البعيدة عن الفكر التحرري والوحدوي.
التربية والتعليم:
إن مفهوم التربية والتعليم في تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان لا يتعدى المواد النظرية التي يتم تدريسها ويتم تداولها معلوماتيا دون ممارسة، بل بالعكس القائمين على نشر وتعليم هذه المعلومات يقدمون نموذجا عكسيا، ما ينفي أي اهتمام أو جدوى من النظرية دون التطبيق أو النموذج، وفي كل مراحل التعليم نجد هنالك محاولات فإدخال مفاهيم حقوق الإنسان بحاجة لعمق ورؤية استشرافية واعية تدرك أوجه الخلل وتعمل على تقويتها، وتدرك مواطن القوة وتعمل على تعزيزها والوصول لكافة الشرائح المجتمعية من أعلى إلى أسفل الهرم الاجتماعي.
ومتعارف عليه عالميا ضرورة العمل على الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية وتقوية الاحترام لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، إذ تدعو ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” جميع أفراد المجتمع وهيئاته” من خلال التعليم والتربية إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات ووفقا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان عبر توسيع المعرفة والمهارات وتأطير السلوك الهادف إلى:
- تقوية الاحترام لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
- العمل على الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والشعور بالكرامة.
- تعزيز التفاهم والتسامح والمساواة بين الجنسين والصداقة بين الأمم.
- تمكين كافة الأشخاص من المشاركة بفاعلية في مجتمع حر.
- العمل على تعميق أنشطة الأمم المتحدة في صيانة السلام.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة فإنه يجب تعزيز الأهداف هذه الأهداف في كافة مستويات التعليم الرسمي وغير الرسمي، بما في ذلك رياض الأطفال ( دور الحضانة) ومدارس التعليم الأساسي والثانوي والتعليم العالي، والمدارس المهنية، وتدريب الموظفين العموميين، وضرورة التوعية العامة[2]
الوعي الذاتي لأفراد المجتمع:
هنالك شواهد ونماذج كثيرة بين الصحافيين والصحافيات (كنموذج) لا يتضامنون مع أنفسهم في كثير من المواقف والحوادث التي تتعلق بانتهاك حقوقهم وتقلص من حريتهم في الرأي والتعبير، وبعضا منهم رغم الدعم المقدم لهم من مراكز حقوقية أو من الوسط الصحافي تجدهم يتخاذلون ويتراجعون غير مدركين أنهم إنما يضرون غيرهم ويقدمون نموذجا سلبيا للتخلي عن الحقوق، ولا يمكننا أن نلوم مثل هذه النماذج فأحيانا يكون عامل الإرهاب والخوف أكبر بكثير مما قد يقال في تشخيص حالتهم إلا أن هذا الأمر لا يعفيهم من مسؤولياتهم، والحق الجمعي تجاههم تماما كالحق الفردي في الدفاع عنهم من قبل الجهات المدافعة.
فوعي الشخص بحقوقه وحقوق الآخرين يعد شرطا أساسيا لا غني عنه في التطبيق الفعال لحقوق الإنسان، ويمكن معرفة معايير وآليات حماية حقوق الإنسان الأشخاص من المطالبة والإصرار على حقوقهم، وبالمثل على حقوق الآخرين، كما تم التأكيد على أهمية التربية الهادفة إلى تعزيز احترام حقوق الإنسان وتقوية السلام في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث نص على أنه يجب أن توجه التربية للإنماء الكامل لشخصية الإنسان وتقوية الاحترام لحقوق الإنسان والحريات الأساسية (المادة26)، وبناءا على هذا الحكم وأحكام الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي تتناول التربية على حقوق الإنسان (1995- 2004) وعرفت فيه التربية على حقوق الإنسان وذلك بالتعبير عن المعرفة والمهارات وتشكيل السلوكيات[3]
إن منظور الحريات ليست فرديا أو شخصيا فهو عمل جماعي يعي خطورة انتهاكه فماذا لو أن صاحب الحق لم يكن مدافعا!! فكثيرا ما تنتهي القضايا قبل أن تبدأ نتيجة تراجع أصحابها، وفي أحيان أخرى قد يواجه الشخص الانتهاك ويجد نفسه وحيدا بالكاد يجد من يناصره وهذا أيضا واقعي ويعطينا مؤشرا على ضرورة دعم التوعية والتثقيف بشكل أعمق وأوسع انتشارا لكافة فئات المجتمع بمسألة الحقوق والواجبات ومن هي الجهات التي يمكن أن يتوجه لها وهذا ينطبق على كل شرائح المجتمع وليس الجهات العاملة في وسائل الإعلام فقط.
مؤسسات المجتمع المدني:
تلعب مؤسسات المجتمع المدني دورا مهما في نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وتتنوع أدواتها بتنظيم مؤتمرات أو عقد ورش عمل توعوية أو تدريبات متخصصة في حقوق الإنسان كما أنها تعتبر مصدرا مهما للرصد والتوثيق لكافة الانتهاكات لحقوق الإنسان بما تتضمنه من انتهاك أو مصادرة لحقوق الرأي أو التجمعات السلمية أو تكوين نقابات أو أي مدخل لما يقره العهدين الدوليين، كما أنها تشارك أيضا في صياغة المواثيق الأخلاقية سواء أخلاقيات المهنة الصحافية أو مدونات السلوك وتساهم في اعادة الحقوق من خلال أدواتها التوثيقية..
ولعل هنالك حاجة ملحة لتفعيل أدوات جديدة واستثمارها في رصد الانتهاكات الخاصة بحريات الرأي والتعبير مثل أدوات التفاعل الاجتماعي وتوسيع قاعدة المستهدفين لنشر وتوعية ونشر ثقافة حقوق الإنسان بشكل مركز والتركيز على حرية الرأي والتعبير وتفعيل أدوات صحافة المواطن والمدونات والتويتر والفليكير وماي سبيس وكل التطبيقات التكنولوجية التي تسهم في تقوية الفرد وزيادة ثقته برأيه وإمكانية ألا يتم تجاهله من قبل الحكومات أو غيرها وهنا يكون التوعية والتثقيف في مستويين كيفية استخدام الأدوات التفاعلية ومتابعة كل جديد ومفيد وهذه مهمة كل المؤسسات والجامعات وأيضا مسؤولية الأفراد بتحسين وتطوير مهاراتهم الخاصة، والمستوى الثاني يتمثل في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان واحترام الحريات وتقوية لغة الحوار الخالية من العنف وباعتقادي هذا الأمر من شأنه أن يسهم في تحسين الحالة الحقوقية في مجتمعاتنا خاصة إذا خلقت نماذج ايجابية يمكن الاحتذاء بها.
القائمين على وسائل الإعلام:
باعتبارهم همزة الوصل ما بين المجتمع ووسائل الإعلام إن لم تكن لديهم ثقافة الرأي والرأي الآخر وكانت نظرتهم ضيقة ومحدودة لمفهوم الحرية وتعدد الآراء فإننا لن نجده غريبا ما هو متمثل حاليا في واقعنا الفلسطيني، وبحسب دراسة حول صورة المرأة في وسائل الإعلام الفلسطينية للمرأة الفلسطينية والتي أكدت أنها تقليدية متكررة وسطحية تقدم الوطني على الإنساني والتقليدي النمطي على الحداثي، فقد أشارت الدراسة إلى أن السبب الأول والرئيسي في تعزيز هذه الصورة التقليدية المكررة هو الاعلاميين والاعلاميات والقائمين على المؤسسات الإعلامية الذين كانوا يقومون بإعادة انتاج الصورة الباكية الشاكية للمرأة الفلسطينية والتي انعكست مرة أخرى في وسائل الإعلام التي بدورها تعطي نموذجا وتكرس صورا نمطية للمرأة فلم تعكس هذه الوسائل التنوع الثقافي والاجتماعي والسياسي والتنموي للنساء الفلسطينيات في مواقع متعددة، وهم أيضا السبب الأهم في تعزيز روح التسامح والتعددية أو القيام بدور المحرض والمسيطر الذي لا يرى الآخر ولا يريد من الجمهور أيضا أن يراه فندخل في جدلية إقصاء الآخر وتهميشه وتشويه صورته، وكلنا يدرك مدلولات ذلك على المشهد الحقوقي في فلسطين[4].
كما ساهم توفر وسائل الاعلام الجديد والتفاعلي في زيادة المساحة المتاحة وتقليص مهمة الرقيب(مقص الرقيب) فلم تعد المعلومات محتكرة على أصحاب السلطة وأصبح بإمكان المواطنين أن يخلقوا أدواتهم بأنفسهم وكما يقول Mike Yamamoto “إذا كنت لا تثق في وسائل الإعلام، افعل ذلك بنفسك” وهنا برزت صحافة المواطن والتدوين وأصبح تبادل المعلومات ومصادرها متنوع ومتعدد، الأمر الذي قلل من هيمنة أصحاب الفضائيات أو المحتكرين للرأي الآخر بل أجبرت وسائل الاعلام التقليدية على اتاحة مساحة للرأي الآخر كي تحتفظ بماء الوجه ولأنها إن لم تفعل ذلك ستفقد الثقة بالجماهير وربما تعطي تصريحا بتهميشها وتجاهلها، ويعتبر هذا المنبر سلاح ذو حدين لكنه باعتقادي مادام ملتزما بنظرية المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية سيبقى في دائرة الصواب وإن حاد أصبح في دائرة الصحافة الصفراء التي تفقد اهتمام الجماهير أيضا في وقت لاحق لعدم مهنية أو مسؤولية أصحابها.
ورغم كل ما يمكن أن يقال بالمساحة المتاحة في وسائل الإعلام الفلسطينية فإن تغيرا كبيرا قد طرأ في السنوات العشر الأخيرة فقد أصبح هنالك متسع للرأي الآخر وأصبح هنالك منابر للعديد من المنابر والتي في وقت من الأوقات اعتبرت انتهاكا لحقوق الرأي والتعبير لأن كل جهة اعلامية خلفها أيديولوجية مختلفة مما نتج عنه أنها أصبحت أداة تنفيذية لإثارة الفتن وتوجيه المعارك اللفظية وتحريف الحقائق لأجل كسب استعطاف الجماهير وهذا ما حدث فعليا فترة الاقتتال الفلسطيني وما تبعه من قمع مطلق بإغلاق محطات فضائية وتليفزيونية واذاعية وانتهك فيه حقوق الصحافيين واغتيلت الكلمة، لكن الآن بإمكان المواطن أن يتدخل بالتعليق المباشر ويدلي بصوته وهنالك الكثير من الوسائل الإعلامية التي تهتم بآراء الجمهور ما يمنح مساحة للحوار والنقاش، وهو الأمر الذي نحتاجه فعليا حتى الآن وبحاجة لتعزيز مساحة الحوار والنقاش واحترام الرأي والرأي الآخر.
إن القرار بيدنا جميعا فالحرية هي أن تتلاقى الكلمات البناءة وليست الهدامة فليس هنالك أسهل من الهدم وليس هناك أصعب من التعمير وخلق مجتمعات حرة، وهذا مرة أخرى يعود بنا لسلسة متكاملة ومتداخلة بدءا من التنشئة الاجتماعية والسياسية والتعليم والأسرة ثم كافة الجهات والمؤسسات والبيئة القانونية والسياسية والاجتماعية، وهي دعوة متجددة لبناء مجتمع واعي وناضج تجد فيه كل الأصوات مكانا لها وتتجسد مفاهيم حقوق الإنسان وكافة الحريات فنحن شعب عينه وقلبه على الحرية لذا نحن أحوج ما نكون لدعم مساحات من فنون الاحترام والتعددية.
وعلينا التطلع دوما لما من شأنه أن يسهم في تحسين حالة الحريات فوسائل الإعلام تسهم بدور أساسي في تربية الشباب بروح السلام والعدالة والحرية والاحترام المتبادل والتفاهم، بغية تعزيز حقوق الإنسان والمساواة في الحقوق بين جميع البشر وجميع الأمم والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، ولها أيضا دور هام تؤديه في التعريف بوجهات نظر الجيل الناهض وتطلعاته[5].
[1] أبو زيد، فاروق. الإعلام والسلطة: إعلام السلطة، وسلطة الإعلام. القاهرة عالم الكتب 2007
[2] ليفين، ليا. حقوق الإنسان أسئلة وإجابات، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، إصدارات اليونسكو.2009
[3] ليفين، ليا. مرجع سابق
[4] شمعون، هداية. صورة المرأة الفلسطينية في وسائل الإعلام الفلسطينية. مركز شؤون المرأة-غزة 2010
[5] جامعة مينسويتا مكتبة حقوق الإنسان: مجموعة صكوك دولية، المجلد الأول، الأمم المتحدة، نيويورك، 1993، رقم المبيعA.94.XIV-Vol.1, Part 1
نشر هذا المقال في مدونة مواطن الرابط التالي:
إرسال تعليق Blogger Facebook