0
بقلم: هداية شمعون/ ماذا يعني أن تكون محاصرا؟؟ أن تكون في بيتا بلا أسقف لكنه بيت وسموات مفتوحة تستقبل بذراعيك العاريتين كل ما تقدمه السماء أمطارا أم انفجارات؟؟ فأنت لا تملك خيارا بالرفض أو التعبير عن الرفض..!! معنى أن تكون محاصرا يعني أن أنفاسك معدودة عليك وأيامك مبعثرة أمامك ومستقبل أبناءك مرهون بشعارات خاوية وأحزاب فقدت الحياء..!! يغضبون ويستلون سيوفهم حين تفقد المرأة عذريتها ولا يغضبون حين ينتهك شرف بلدهم أمام كل الفضائيات وبأيديهم الصدئة!! هل تجاوزت حدودي؟؟ وهل يملك المحاصر حدودا!! مادامت كل الاتجاهات مغلقة والبوصلة مفقودة وأولئك الصغار في شوارع المخيم لا يجدون متسعا للفرح يلعبون الكرة فيمزقها الكبار ظنا منهم أنهم سيوقفون الضحك واللعب..!! كم غريب حين تكون محاصرا أن تخترق تلك الحدود وتحلق بفضاء الكتروني تصرخ فتسمع صدى صرختك ..من ينكر أنك حاولت وأنك صرخت وأنك رفضت أن تكون إما مع قطيع الذئاب أو مع قطيع الغنم؟؟!! أن تصرخ وأنت محاصر لا تملك صحيفة تقرأها؟ أو كتابا جديدا تتصفحه؟؟ أو أن تحاول أن تعرف كيف غدت رائحة الكتب والمجلات الطازجة!! محاصرة مترفة ربما!! فلم يعد رغيف الخبز وطوابير المخابز ولا انقطاع التيار الكهربائي المستمر ولا أنبوبة الغاز الفارغة عذابا بالنسبة لي/لنا فقدت أصبح وجودها أو شحها نزفا يوميا لابد منه..!!

هل يصدق المحاصر أنه محاصر؟؟ ماذا يعني إن ذهبت للمشفى فلم أجد أسرة كافية ولا تجد الدواء وربما لا تجد الأطباء؟؟ ويالترف صاحب التحويلة وصاحبة الحظ التعس لتكون مريضة..!! حينها لا يفكر المحاصرون أنهم محاصرون بل يعتقدون أنه سوء الطالع لهذا العام متجاهلين أن الأعوام السابقة ليست إلا صورة أكثر قتامة عن سابقتها…

لم يجبني أحدكم.. هل يدرك المحاصر أنه محاصر؟؟ ما أفكر به أن إخوتي بدولة الإمارات لم أرهم منذ سبعة أعوام وكل عام تقف أعيننا على المعبر وحالة الطقس العربي فيه؟؟ ما أفكر به أن أختي طردت من دولة عربية وبعضا من عائلتها وهاجرت إلى كندا لأنها لا تملك التواجد في غزة ولم ترى والدي منذ أن رحلت والدتي قبل ستة عشر عاما.. أفكر ببنات أختي وحدهن في بلد عربي ( هل تسمعون صدى ضحكاتي ) هل من حق المحاصر أن يحلم أن يلتقي عائلته مرة أخيرة في العمر؟؟ وهل يملك المحاصر حقا في حلم آخر رغم أنا منذ صغرنا نخبىء الأحلام عن العيون كي نراها وحدنا ونسترق وقتا للفرح.. هل لأطفال غزة مساحة للفرح؟؟

لم أسمع أحدا يجيب سؤالي هل يدرك المحاصر أنه محاصر؟ يا لهذا الفضاء الالكتروني يجعلنا نحدق في النور رغم الحلكة من حولنا يجعل الكلمات المتفجرة تنكمش في حضرة الموت يجعلنا نتحدى الصمت ونتحدى أنفسنا علنا نرسم صورهن وصورنا المتهالكة.. ماذا يعنى لكم أن نقول كلمتنا ونقول صمتنا ونقول حلمنا وحزننا!!!

ماذا يعني أن تكون راقصا في عرس لا تعرف فيه فن الرقص؟؟ وماذا يعني كونك يقظا دوما والحمم تتساقط على رأسك الأصلع والجميع حولك في سبات؟؟ ماذا يعني أن تكون متفرجا في حديقة الحيوانات أو تكون في قفص أكبر مئة مرة والكاميرات تحدق بك كما تحدق أن في وجهك كل صباح كي تتأكد أن عينا لم تفقأ أو أن يدا لم تفقد وأنك لازلت على قيد الحياة؟؟ ما الداعي لنكرر كل يوم على مسامع الطبيب -المغادر قبل دوامه- أن وجوهنا تزداد شحوبا وأن وزننا أقل من الطبيعي وأن عيوننا لا تعرف طعما للنوم وأن عقلنا بات حطاما من شدة المهاترات السياسية وأن أصناما عادت لكوابيسنا كل..

إرسال تعليق Blogger

 
Top