0
تقرير: هداية شمعون/ أكدت أحدث الدراسات العلمية أن ثلاثة من كل أربعة نساء في قطاع غزة كن ضحية خوف أو رعب بسبب الاعتداءات الإسرائيلية في السنوات الأربع الماضية، وواحدة من كل امرأتين تعرضت لأذى مباشر من الاحتلال تمثل الأذى في إصابة في الأرواح منها 24% حالات استشهاد. وذلك في دراسة حديثة لمركز شؤون المرأة- غزة.
وأفادت النتائج أن واحدة من كل خمس نساء تعرضن لأذى مباشر من الاحتلال تمثل الأذى بضرر أصاب البيوت منها 14% حالة هدم كامل للبيت و 57% هدم جزئي.
هذا وتعتقد ثلاث نساء من كل أربعة تمت مقابلتهن أن نسبة العنف الجسدي ضد المرأة زادت بسبب أحداث الانتفاضة الثانية والاعتداءات الإسرائيلية، كما تعتقد 80% من النساء أن العنف النفسي والمعنوي زاد في الانتفاضة الثانية.
وتعتقد امرأة من كل امرأتين أن التحرش الجنسي والعنف الجنسي كالاغتصاب زاد بسبب الاعتداءات الإسرائيلية، كما تعتقد امرأة من كل ثلاث نساء متزوجات أن علاقتها بزوجها تأثرت بسبب أحداث الانتفاضة والاعتداءات الإسرائيلية وتعتقد امرأة من كل ثلاث نساء متزوجات أن العلاقة الجنسية مع زوجها تأثرت لنفس السبب.
وجاءت هذه النتائج في الجزء الأهم من البحث الذي ركز على أثر عنف الاحتلال الإسرائيلي على العنف الأسري في غزة، حيث أظهرت النتائج أن عنف الاحتلال أثر تأثيرا كبيرا على نساء قطاع غزة كما ساهم في زيادة العنف ضد النساء من أطراف أخرى.

واقع متستر
وقد جاءت هذه الدراسة استكمالا لجهد المركز في بحث وتوثيق حالات العنف المبني على أساس النوع الاجتماعي ومتابعة لدراسة كان المركز – وهو متخصص في مجال الأبحاث الخاصة بالمرأة الفلسطينية - قد أجراها في عام 2001. حيث قام بتطوير منهجية البحث لتشمل مسحا أسريا لـ 1266 امرأة موزعة عشوائيا في جميع أنحاء قطاع غزة تم مقابلتهن في الفترة بين 25/6/2005 إلى 14/7/ 2005 بالإضافة لسلسلة من المجموعات البؤرية والحالات الدراسية التي سلطت الضوء على ظاهرة العنف في قطاع غزة وركزت على أشكال محددة.
هذا وحصلت الدراسة على مجموعة من المعطيات والإحصاءات التي تعتبر مؤشرات لوجود مشكلة العنف المبني على أساس الجنس، ولكنها لا تعكس بالضرورة حجم المشكلة، خاصة وأن المجتمع الفلسطيني والثقافة السائدة فيه لا زالت تنظر لمسألة العنف على أنها قضية "عائلية وخاصة" وبالتالي فان الإحصاءات الرسمية المتوفرة لا تعكس بالضرورة حجم المشكلة.
ومن ناحية أخرى فقد أكدت الدراسة التي تحمل عنوان " القابضات على الجمر- دراسة في العنف الأسري ضد المرأة في قطاع غزة من منظور نسوي " أن واحدة من كل خمس نساء في قطاع غزة تتعرض للعنف الجسدي. كما أن واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض للعنف النفسي والإيذاء اللفظي بما في ذلك السب والتحقير، وواحدة من كل عشر نساء تتعرض للعنف والإيذاء الاجتماعي، وامرأة من كل امرأتين تتعرضان للعنف ومازال العنف يحدث معهن أثناء إجراء الدراسة.

من يمارس العنف...؟
هذا وأظهرت الدراسة أن الأزواج هم الذين يمارسون النسبة الأكبر من العنف ضد النساء، حتى تبدو علاقة الزواج كأنها علاقة تراتبية يفترض أن يخضع فيها طرف للآخر وغالبا ما تجبر النساء على الخضوع في علاقة دونية مع الرجل في مؤسسة الزواج. فالزوج يقوم بـ 72% من حالات الصفع و 73% من حالات الدفع بقوة و74% من حالات الضرب بقوة، وفي 59% من حالات شد الشعر.
كما اعتبرت 16% من النساء المتزوجات في عينة البحث أن مشكلة البطالة وتعطل الزوج عن العمل تشكل سبب الخلاف الرئيسي بينهن وبين أزواجهن وفي 20% من الحالات أي حوالي خمس العينة كان الزوج عاطلا عن العمل.

مبررات للعنف...؟!!
كذلك أظهرت نتائج الدراسة أن النساء يحاولن إيجاد مبرر لظاهرة العنف بسبب منظومة العادات والتقاليد وطريقة التربية التي نشأن عليها حيت واحدة من كل خمس نساء على أن هناك مبرر للزوج للغضب والصراخ إذا خرجت من البيت دون إخباره، ووافق 41% على أن هناك مبرر للضرب في هذه الحالة، مما يرفع عدد النساء اللواتي يوافقن على استخدام العنف والضرب والإهانة إلى حوالي 70% في حالة الخروج من البيت بدون موافقته، ترتفع هذه النسبة إلى 74% تقريبا إذا أهملت الأطفال. المعتقدات السائدة والتقاليد تؤيد وتبرر استخدام العنف الجسدي لتأديب الأطفال والنساء في العائلة، وهذه المعتقدات ليست حكرا على المعنفين دائما بل هي معتقدات سائدة لدى ضحايا العنف من النساء والأطفال خاصة وان العنف الجسدي ضدهم مبرر على أساس التربية والتأديب.
كما وجدت الدراسة أن امرأة من كل امرأتين لن يلجان لطلب المساعدة من أي أحد في حال حصول خلاف بينهن وبين أزواجهن. يعتبر اللجوء للأهل طلبا للمساعدة والتخلص من واقع العنف إحدى آليات التصدي للعنف فقد أشارت 15.4% من العينة أن خيارهن الأول سيكون اللجوء للوالدين (الأب أو الأم) عند تعرضهن للعنف من قبل الزوج، بينما تلجأ 11% تقريبا للأخ أو الأخت، وحوالي 10% لوالدي الزوج.

أولويات المجتمع الفلسطيني
خلاصة الدراسة تفيد أن النساء أدرى بواقعهن ومن الضروري الاستماع لهؤلاء النساء ومحاولة الانطلاق من حيث انتهين وإلا ظلت المؤسسات النسوية والمؤسسات التي تعني بمساندة ضحايا/الناجيات من العنف تدور في حلقة مفرغة.
كما وجدت أنه على مؤسسات المجتمع المدني عامة وتحديدا المؤسسات النسوية أن تطور فهما إجرائيا للعنف ومسبباته، على أن يكون هذا المفهوم بعلاقته بالممارسات المجتمعية والعادات والتقاليد وتوزيع الأدوار على أساس النوع الاجتماعي.
إن من أولويات المجتمع الفلسطيني في هذه المرحلة تبني قانون لحماية الأسرة قادر على توفير حماية للنساء ضحايا العنف ويفتح المجال أمام المؤسسات والنشطاء الاجتماعيين لتحريك الشكاوى ضد مرتكبي جرائم العنف ضد المرأة في نطاق الأسرة وينبغي التحول من الجانب الوعظي الإرشادي الذي يتحدث عن العنف وكأنه جزء من حياه "الآخر" أي بعيد عنا إلى التعامل معه كأمر واقع، معترف به مما يتيح المجال لأن تطلب النساء المعنفات العون والمساعدة دون أن تعاني الوصمة المجتمعية المرتبطة بالعنف ودون أن تتحول إلى ضحية مرتين.
وأكدت الدراسة على ضرورة إجراء أبحاث معمقة ومتخصصة في شكل واحد أو فئة محددة من النساء المعنفات لأن الاستمرار في النظر لمشكلة العنف بعموميتها لن يفيد في التعرف على تفاصيل القضايا وخصوصيتها. فعلى الرغم من أهمية المؤشرات الكمية والأرقام إلا أن خصوصية قضايا العنف الأسري تتطلب بالضرورة آليات بحت كيفي ومؤشرات من نوع مختلف لا يعتمد على الرقم الإحصائي بالدرجة الأولى.
إن شهادات النساء الناجيات من العنف هي من أهم المؤشرات على وجود هذه الظاهرة وانتشارها، بل وتمكننا من التعرف على آليات المواجهة، لذا يجب التركيز على الأبحاث الكيفية النسوية والتقدم بشهادات قوية للمجتمع تكون بداية في تغيير الفكر السائد، وتنوير المجتمع بقضية طالما أغفلها.

هداية شمعون: إعلامية ومنسقة برنامج الأبحاث في مركز شؤون المرأة- غزة

إرسال تعليق Blogger

 
Top