0

200909051549

 

هداية شمعون

الحديث عن واقع الإعلاميات العربيات هو حديث ذو شجون واستعرضنا في العديد من الورش والندوات حال وواقع الإعلامية الفلسطينية ولكي نرى الواقع بكامل تفاصيله وفي سياقه الاجتماعي والسياسي والثقافي لابد أن نشير لعدة حلقات توثر بواقع الإعلامية:

أولا: الواقع السياسي الفلسطيني ووجود الاحتلال الإسرائيلي وحال الانقسام بين الضفة وغزة الأمر الذي ساهم في تكريس حالة الانقسام الإعلامي أيضا المتمثل بالمؤسسات الإعلامية. والقرار السياسي أيضا هو قرار يطغى على الواقع الإعلامي بكل الأحوال.

ثانيا: واقع المجتمع الفلسطيني: كونه مجتمعا ذكوريا كباقي المجتمعات العربية ومنظومة العادات والتقاليد التي تفرق في التعامل بين الرجل والمرأة والأمر ينطبق على الإعلامية أيضا كونها أنثى ويقع على عاتقها كافة المسؤوليات الاجتماعية والإنجابية وهو أيضا الأمر الذي يؤدى إلى تفضيل عمل الرجل في الإعلام عن عمل المرأة نتيجة هذه المسؤوليات.

ثالثا: واقع المؤسسات الإعلامية الرسمية وربما نود تحديد الحديث عن هذه المؤسسات بنقابة الصحافيين ووزارة الإعلام التي يلقي تجمدها وشللها بظلاله على واقع الإعلاميات، كما تساهم العلاقة الفاترة وغير الفاعلة بين الطرفين إلى مزيد من الإحباط والقلق لدى الإعلاميات ويؤثر سلبا على أداءهن.

رابعا: رغم قدم وجود الإعلاميات الفلسطينيات في وسائل الإعلام تحديدا في الإذاعة الفلسطينية إلا أن السنوات الأخيرة شهدت وجود المئات من خريجات أقسام الصحافة والإعلام في غزة وهنا يبرز التساؤل حول من هي الإعلامية؟ هل هي الدارسة لتخصص الإعلام أو العاملة والممارسة للمهنة بغض النظر عن التخصص وعدم وجود تعريف واضح وهذا ينطبق على الإعلامية والإعلامي لمن هو الإعلامي ساهم في أن مجال الإعلام يحتمل كل من يكتب أو يحمل كاميرا أو يلتحق بعمل مع صحافيين أجانب.

خامسا: لابد من الاعتراف أن هناك العديد من الإعلاميات بحاجة لمزيد من التدريب وصقل المهارات وخوض تجربة العمل الإعلامي لتتمكن من أن تضع قدمها على بداية الطريق، كما أن حداثة عمل العديد من الإعلاميات وقلة وعيهن بحقوقهن كإعلاميات أو بمسيرة المرأة وحقوقها بالإضافة لقلة خبرتهن يجعلهن غير موحدات ولا يوجد لديهن خطاب واحد.

كل ما سبق يجعلنا نتطلع لواقع الإعلاميات في سياقه الصحيح، ويجعل رؤيتنا أكثر عمقا لواقع الإعلاميات، ومن خلال دراسة ماجستير قمت بإعدادها و استخدمت فيها عدة أدوات لجمع البيانات أهمها: أداة الاستمارة للإعلاميات العاملات في مجال الإعلام المسموع والمقروء والمرئي، وتم عرض الاستمارة على عدد من المحكمين والمحكمات من مصر وغزة، وتم إجراء دراسة مسحية لتحديد عدد الإعلاميات العاملات في يناير- فبراير 2006 ، فقد اشتمل مجتمع الدراسة الإعلاميات العاملات في وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية المسموعة والمقرؤة والمرئية، إذ بلغ عدد الإعلاميات في فترة الدراسة 100 إعلامية، وتم الاعتماد على العينة المتاحة واستهداف 59 إعلامية من الإعلاميات اللواتي تعاون.

وأبرز ما خلصت إليه الدراسة أن 53 إعلامية فلسطينية فقدت موقعها الإعلامي في وسائل الإعلام المسموعة أو المقرؤة أو المرئية حتى تاريخ 30 أكتوبر2007 من مجموع 100 إعلامية نتيجة الحسم العسكري وإغلاق العديد من المؤسسات الإعلامية، حيث قامت الباحثة بإجراء مسح سابق للقائمات بالاتصال في الفترة 1 يناير 28 فبراير 2006، وهذا يعني تراجعا حادا ومخيفا لمسيرة للإعلاميات الفلسطينيات في قطاع غزة قد يكون له تأثيره الأكبر على تقدمهن المهني وتطويرهن ويضيف المزيد من العبء والمعوقات على الإعلاميات في قطاع غزة ويدق ناقوس الخطر الحقيقي لانتكاسة حقيقية في تاريخ الإعلاميات الفلسطينيات.

نتائج الدراسة

1- عملت الإعلاميات دون عقد عمل يحفظ حقوقهن أو يشكل مصدراً للأمان لهن بنسبة 49%، وقلة من لديها عقد عمل دائم بنسبة 22%، وبنفس النسبة كانت الإعلاميات اللواتي لديهن عقد عمل مؤقت ولا تتعدى مدته العامين، أما المتطوعات فكانت نسبتهن 7%.

2- عبرت الإعلاميات عن العديد من الصعوبات التي تعيق عملهن من الاحتلال الإسرائيلي وحده وذلك كالتالي: في المقام الأول تعتقد الإعلاميات أن الاحتلال الإسرائيلي ينتهك حرية الصحافة في فلسطين بنسبة %93.

3- كما أعربت %71 من الإعلاميات أن الحواجز الإسرائيلية الداخلية والخارجية والحصار المفروض على غزة يعيق الإعلاميات عن تأدية عملهن على أكمل وجه، حيث أعربن عن ضيقهن بهذه الحواجز ومدى سلبها للعديد من الفرص والمهام الإعلامية. كما و يحول الاحتلال الإسرائيلي بين الإعلاميات وبين عملهن بشكل عام بنسبة %64 أما من تعرضن للحجز إما بشكل فردي أو شخصي على الحواجز فكن بنسبة %24، ومن تعرض لمضايقات مباشرة من قبل الاحتلال فكن بنسبة %19 .وقد منعت من السفر %5من الإعلاميات بسبب عملها.

4- الإعلاميات اللواتي عبرن عن رضاهن عن عملهن الحالي كن بنسبة 56% فقد أشرن إلى أهم الأسباب لديهن لهذا الشعور كالتالي: العائد المادي جيد بالنسبة لهن، إثبات الذات والشخصية بالإضافة لشعورهن بالقيام بدور وطني فاعل ومساحة الحرية المتاحة لهن في عملهن مناسبة، كذلك شعورهن بالحب والانتماء لهذا العمل، وتقدير الآخرين لعملهن وأهميته، واكتساب الخبرة في ظل انعدام فرص عمل حقيقية.

5- أما الإعلاميات اللواتي لا يشعرن بالرضا تجاه عملهن الحالي فكن بنسبة 44% ويعود ذلك لعدة أسباب أهمها حسب ما ذكرن: الشعور بالتمييز بينهن وبين زملائهن الصحافيين، عدم وجود بديل عن هذا العمل أمامهن، لا يجدن دعما من المحيط الاجتماعي، العمل بلا عقود ولا ضمانات، لا يوجد دعم من المسئولين، إمكانيات العمل لا تلبي طموحاتهن، العائد المادي متدني.

6- توزعت الإعلاميات في وصفهن الوظيفي كالتالي: مراسلة دائمة بنسبة 44%، محررة بنسبة 37%، مراسلة بالقطعة بنسبة 19%، مديرة تحرير بنسبة 11%، رسامة بنسبة 7%، مصورة بنسبة4%، واحتلت بنسبة 4% كل من المسميات التالية: رئيسة تحرير، تصميم، كاتبة، مديرة مكتب صحفي، مندوبة إعلانات.

7- عملت الإعلاميات في وسائل الإعلام الفلسطينية المختلفة كالتالي: تليفزيون فلسطين بنسبة 27%، صوت الشباب 15%، صوت الحرية بنسبة 12%، صوت العمال وكذلك قناة الجزيرة بنسبة 8%، وحازت الوسائل الإعلامية التالية بنسبة 4% للإعلاميات العاملات فيها كالتالي: صوت فلسطين،قناة العربية، تليفزيون المنار، إذاعة وقناة الكويت، تليفزيون سلطنة عمان، قناة الأفصى، قناة الإخبارية، إذاعة ألوان. مع التأكيد على فقدان الإعلاميات في تليفزيون وصوت فلسطين، وصوت الحرية، صوت الشباب، وصوت العمال على عملهن بسبب الحسم العسكري في النصف الثاني من 2007.

8- تنوع مستوى عمل الإعلاميات في مجال الإذاعة والتلفزيون كالتالي: مذيعة بنسبة 31%، مراسلة بنسبة 27%، معدة برامج بنسبة 27%، محررة بنسبة 19%، مخرجة بنسبة 12%، قارئة نشرة وكذلك مساعدة بنسبة 8%، وجاءت بنسبة 4% كل من المواقع التالية: تحرير، مؤثرات صوتية، منسقة برامج، مونتير، إدارية، هندسة إذاعية.

9- أكدت 15% من الإعلاميات أن لديهن عضوية في نقابة الصحافيين، بينما النسبة الأعلى 85% ليس لديهن عضوية في النقابة.

10- الأغلبية التي نسبتها 85% من الإعلاميات اللواتي ليس لديهن عضوية في نقابة الصحافيين الفلسطينية كانت أسبابهن كالتالي: غير مهتمات بهذه العضوية بنسبة 46%، العضوية مشروطة بخمس سنوات خبرة في مجال الإعلام بنسبة 19%، قدمت طلبا ولم يبث فيه بنسبة 13%، مهتمة ولكنها لم تقدم طلبا بنسبة 11%، حاولت مرارا وفشلت بنسبة 9%، قوبلت بالرفض دون ذكر أسباب بنسبة 2%.

11- أكدت الإعلاميات الحاصلات على عضوية النقابة ( 15%) أن اهتمامهن بالعضوية يرجع إلى: الدفاع عن حقوق الصحافيين/ات بنسبة 27%، الالتحاق بدورات إعلامية متخصصة بنسبة 16%، الاستفادة من الخدمات المقدمة للصحافيين بنسبة 13%، مركز اجتماعي ومعنوي بنسبة 12%، متابعة أوضاع الصحافيين/ات بنسبة 11%، الاطلاع على مستجدات الأمور للصحافيين/ات بنسبة 10%، تحسين ظروف العمل بنسبة 9%

12- ترى الإعلاميات أن النقابة هي جسم غير فاعل بنسبة 28%، وترى 23% أن النقابة تهتم بمصالح أشخاص من المسئولين منها، بينما رأت 18% أنها لا تهتم بمتابعة قضايا الإعلاميين/ات، وأكدت 18% أنها لا تقدم شيء مجدي للإعلاميات، ورأت 14% أنهن لا يكترثن بهموم الإعلاميات.

13- أكدت 24% فقط من الإعلاميات على وجود تمييز بينهن وبين الصحافيين بينما أجابت 17% أن هنالك تمييزاً نوعاً ما بينهن وبين الإعلاميات, أما من أجابت لا أدري بوجود هذا التمييز من عدمه جاءت نسبتهن الأعلى 60%، بينما أجابت (لا يوجد تمييز) 3% وهي النسبة الأقل من الإعلاميات وقد يفسر قلة خبرة الصحفيات, وعدد سنوات عملهن القليلة وقلة اعتراكهن في الحياة الإعلامية وبالتالي جاءت إجابة النسبة الأكبر منهن لا أدري.

14- أكدت %42 . أن هنالك تفرقة بينهن وبين الإعلاميين على أساس النوع الاجتماعي, بينما من أجابت أنه لا توجد تفرقة بينهن وبين الإعلاميين كانت %58.

15- ومن أجبن بوجود تفرقة بينهن وبين الإعلاميين أكدن أن مظاهر هذه التفرقة تتمثل في التمييز بينهن والإعلاميين في الحصول على عضوية النقابة بنسبة 36%, ورأت %28 منهن أن مظاهر هذه التفرقة تتمثل في دعوة صحافيين لحضور الاجتماعات الخاصة بالنقابة, تلتها الاهتمام بقضايا ومشاكل الإعلاميين ومن الإعلاميات %20, كما أكدت %20 على أن مظاهر التفرقة تتجلى في الحط من كفاءة وقدرة الإعلاميات لاختيارهن لدورات خاصة في خارج البلاد, ورأت %16 تغليب مصالح شخصية مع الزملاء الصحافيين هي من مظاهر التفرقة يرافقها عدم الاكتراث إلى الصحفيات. كما أكدت %12 منهن أن التكريم والدورات والحفلات تخص الإعلاميين فقط ولا تتم دعوة الإعلاميات رغم اعتراضهن على ذلك.

16- رأت الإعلاميات ضرورة توعية المجتمع بشكل عام بقضية المرأة وبنسبة %57، كذلك رأت %53 من الإعلاميات ضرورة عدم استغلال المؤسسات الإعلامية للإعلاميات لأنه أمر كفيل بالإطاحة بكل الجهود التي تبذلها الإعلاميات لتحسين صورة المرأة أو العمل في جو من الحرية والرضا.

17- كما تعتقد %21 من الإعلاميات بأهمية إعطاء ومنح الإعلاميات فرصة ومجال أكبر للعمل وعدم قصره واحتكاره فقط على الإعلاميين. ورأت%17 منهن ضرورة استخدام الإعلام والاستفادة منه لمحاربة الصعوبات التي تواجههن في عملهن. كما تعتقد %13 من الإعلاميات بضرورة إعداد وتنظيم دورات تدريبية متخصصة في مجال العمل الصحفي للإعلاميين والإعلاميات لتطوير أداءهم وتحسين خبراتهم ليتمكنوا من التأثير من خلال رسائلهم الإعلامية بالشكل الهادف.

18- كما و أكدت %17 منهن على ضرورة تغيير الصورة السلبية للمرأة والصور الخاصة بعمل الإعلاميات في غزة التي يساهم الاحتلال دوماً بجعلها منعزلة ومحاصرة مما يزيد من نظرة المجتمع السلبية للمرأة, كما و طالبت الإعلاميات بتوفير الفرص لهن للعمل الإعلامي بنسبة %13. وأعربت %12من الإعلاميات بضرورة خلق جسم إعلامي خاص بالإعلاميات يكون بمثابة صوتهن في المجتمع

التوصيات

1- ضرورة إتاحة الفرص في المجال الإعلامي لكل من الإعلامية والإعلامي على أساس الخبرة والكفاءة.

2- على الإعلاميات أنفسهن أن يشكلن جهة إعلامية أو تجمع إعلامي يمكنهن من مساعدة أنفسهن والإعلاميات المستجدات وليعبر التجمع عن مشاكلهن وهمومهن ويتمكن من تشكيل قوة ضاغطة لنيل حقوقهن..

3- ضرورة تأهيل الإعلاميات الدارسات في الجامعات الفلسطينية تخصص الإعلام من سنوات الدراسة الأولى وتشجيعهن للانخراط في الجو المهني منذ البداية وبتوافق مع دراستهن كي يصبحن مؤهلات للعمل الإعلامي بمجرد تخرجهن.

4- ضرورة التنسيق بين المؤسسات النسوية والأهلية للعمل من أجل التعاون لدعم الإعلاميات بما يسهل عملهن ويصون حقوقهن في مجال العمل الإعلامي.

5- العمل على التخطيط والإعداد من قبل مختصين وخبراء في مجال الإعلام من أجل العمل على تغيير صورة المرأة الفلسطينية في وسائل الإعلام المحلية، وكذلك العمل على تحسين هذه الصورة بأسس علمية وتخطيط مدروس من أجل صالح المرأة الفلسطينية والإعلامية تحديدا.

6- ضرورة أن تعمل الإعلاميات على الاهتمام بتثقيف أنفسهن، وتطوير قدراتهن من خلال الالتحاق بدورات على الصعيد العربي والعالمي للاستفادة من تجارب الآخرين في ذات المجال.

7- استقطاب الإعلاميات الكفوء واللاتي أثبتن جدارتهن في العمل الإعلامي وتشجيعهن لإعطاء خبراتهن من خلال محاضرات أو ورش عمل أو لقاءات دورية للإعلاميات المبتدئيات أو اللاتي يرغبن في خوض المجال الصحفي.

8- توفير الاحتياجات الأساسية للإعلاميات وتأهيلهن هي مسؤولية الجهات الإعلامية، ووزارة الإعلام، ونقابة الصحافيين، والمؤسسات النسوية ومؤسسات المجتمع الأهلي أيضا.

9- الحاجة ماسة لإجراء مزيد من الدراسات والبحوث الإعلامية خاصة دراسات تتعلق بالقائم بالاتصال.

10- تقديم النماذج الناجحة للمرأة الفلسطينية، والأشكال المختلفة لمشاركة المرأة الفلسطينية في التنمية والسياسية والإعلام مع إبراز قدراتها على تخطي الصعاب في ظل وجود الاحتلال الإسرائيلي بالإضافة لمعوقات الاجتماعية التي تجاوزتها.

11- العمل على زيادة مشاركة المرأة في عملية صنع القرار في وسائل الإعلام، ونشر مواد إعلامية تبرز الصورة الإيجابية للمرأة الفلسطينية والقيادات النسوية.

إرسال تعليق Blogger

 
Top