حوار: هداية شمعون/ " ... أنا رجل أعيش تحت الشمس، وأقول دائما في مواسم الحصاد.. تلفح الشمس الحارقة وجوه الحاصدين وتسيل حبات العرق، و لكن كم تكون السعادة كبيرة والفرحة غامرة حين يكون المحصول وفيرا.... "
بهذه الكلمات يبتدىء العبسي حديثه عن صناعة الأفلام الدرامية والوثائقية الفلسطينية، ومن خلال ابتسامته الطيبة التي لم تفارق محياه قال مستذكرا أيام الطفولة:
أهلي هجروا من الفالوجة في 48 وكانت ولادتي بعدها بعام واحد، ولدت في دير البلح في عام 49 وبقيت فيها حتى عام الـ 65، تم اختياري لأدرس من خلال جمعية الشبان المسيحية في بيروت حيث حصلت على منحة دراسية، والدي رحمه الله كان فقيرا جدا إلا أنه كان غني بذات الوقت، ووالدتي كانت سيدة مسالمة قام اليهود بترحيلهم في عام الـ 68 إلى الأردن حيث سافرت إلى الأردن ومنها إلى بيروت حيث أكملت دراستي.
ويضيف عن دراسته: " لدي ثلاثة تخصصات مختلفة فالبكالوريوس بتخصص تربية رياضية وفن، أما الماجستير فكان في التربية وعلم النفس، والدكتوراه في التقنيات الفنية في كتابة السيناريو والإخراج.
كنت أعمل مدرسا في الكلية العربية بالأردن، وفي ذات الوقت كنت مديرا لشؤون الطلبة والنشاطات.
مشوار الكتابة والإبداع
بدأت مشواري بأوبريت العرس الفلسطيني الذي كان له نجاحا خاصا ومميزا في ذلك الوقت، أما أول مسلسل فكان ( الطاحونة ) تبعه مسلسل ( طلاب ولكن ) في 13 حلقة. ثم تمثيلية ( شيء حدث ).
أما أول أفلامي فكان ( الدرب ) و تدور أحداثه عن نداء الحياة فليس كل إنسان له تجربة فاشلة يحكم على نفسه بالعيش في دائرتها بقية عمره.
ثم كان فيلم ( الدم ) وهو يدور حول فكرة أن الفلسطيني مهما ابتعد عن بلده فهو فلسطيني ويريد العودة لها.
رجعت الوطن عام 96 بحكم عضويتي في المجلس الوطني الفلسطيني وعملت مديرا لبرامج التليفزيون الفلسطيني لفترة، ثم قررت إنشاء شركة العالمية للإنتاج الفني والتوزيع وكانت بداية موفقة في فلسطين إذ عرضت الأفلام التي قمنا بإنتاجها على الفضائيات العربية مثل فيلم ( الإسعاف ) وهو فيلم درامي روائي وأخذت فكرة الفيلم عن قصة وثائقية واقعية لرجل فلسطيني يعاني من الفشل الكلوي ويحاول الوصول إلى المستشفى للعلاج إلا أن الإغلاق الإسرائيلي يقف له بالمرصاد. وقد حصل الفيلم على ميدالية ذهبية في مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون في عام 97.
ومن المسلسلات أيضا: ( درب الشوق ) الذي عرض في قناة دبي والبحرين وهو مسلسل بدوي تم تصويره في منطقة أبو هولي سابقا ( منطقة أقامت فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي حاجز عسكريا يمنع الفلسطينيين من الوصول لذويهم من رفح في غزة).
ومن مجموعة الأفلام التي كتبت السيناريو والإخراج فيها أيضا ( حفيدة الخنساء - الفرح الحزين – العيد ولكن.!شىء في الذاكرة – أهلا – ممنوع المرور – عرس على الأطلال )
وهي مجموعة أفلام وثائقية تتحدث عن الاحتلال والألم والدمار الذي يخلفه في نفوس الفلسطينيين
أما مسلسل ( أنت يا قدس ) فمدته كانت 7 ساعات و أذيع في أكثر من اثني عشرة محطة فضائية وهي من كتابة إبراهيم العبسي وكنت مشرفا عاما على العمل إلى جانب العديد من المخرجين. ويدور المسلسل أنت يا قدس عن الترهيب والترغيب لأهل القدس ومدى صمودهم من خلال رواية أحداث أبناء البلد.
مشاريع مستقبلة
والمسلسل الذي نقوم عليه الآن هو ( عمالقة التراب ) وهو مسلسل تاريخي روائي ويقع في 30 حلقة، ويجسد المسلسل مرحلة نضالية من 67 حتى بداية الانتفاضة ونطق الحجر وهو مسلسل يتناول الواقع الفلسطيني استغرقت كتابته سنة كاملة تضمنت إجراء المقابلات والبحث والكتابة. فهو مسلسل تاريخي روائي يسرد هموم وآمال الشعب الفلسطيني، والمعالجة الدرامية للدكتورالناقد نبيل أبو علي، والفكرة لمحمود أبو سمرة، و يتحدث المسلسل عن هموم وآمال وطموحات الشعب الفلسطيني، والمعتقلات الإرهابية التي نصبت للفلسطينيين خصيصا، وكيف استطاع الفلسطيني تحويل السجن إلى مدرسة وخرج كوادر رائعة.
حاليا أصور فيلم ( الملازم ) ويدور حول ثلاثة شخصيات محورية تمثل الإنسان العسكري الذي أعتقد أنه قدم تضحيات كثيرة للوطن وهو يمثل في شخصية العسكري الجدي، والآخر المتهكم، والثالث يمثل الوسط بينهما ويحاول المسلسل أن يبرز السلبيات والايجابيات للوضع الفلسطيني.
ومسلسل آخر نقوم به الآن اسمه ( أبو الدبعي ) وهو شخص يدعي أنه كل شيء وهو في الواقع لاشيء.
الفكرة
وعن أفكار الأفلام والمسلسلات يقول العبسي:
نحن لا نكتب من نسج الخيال، فالشعب الفلسطيني فيه المسرحية والفيلم والمسلسل والأوبريت فنحن أخصب منطقة في الحدث ولسنا بحاجة للتأليف بل لصقل القصص والحكايات الكثيرة التي نعيشها ونتمكن من ترجمتها إلى فن جميل يستحق المشاهدة والتأريخ.
إن محاولاتنا لإبراز الانتفاضة الفلسطينية من خلال الأفلام الوثائقية أو الدرامية هي من صميم عملنا لأجل القضية الفلسطينية وترويج هذه الأفلام ودعمها عربيا وعالميا هو أمر ضروري ومطلوب فبعضا من الأفكار نظن أنها خيالية إلا أنها في الواقع تكون حال بعضا من الفلسطينيين وبعضا مما يعانونه في ظل الانتفاضة.
وعن أعماله يقول العبسي:" أحب أن أكتبها وأقوم بتنفيذها لأنها تكون قريبة مني بما يجعلني أحاول بكل طاقتي أن أتوج العمل كما فكرت به، فأنا أشعر أن الأشياء التي أخرجتها أني تعايشتها... بكيتها وفرحتها.. وهي جزء مني "
ويضيف العبسي قائلا: " أعتز أن مسلسلاتنا بثت على الفضائيات العربية وأخذت الجوائز والأجمل من ذلك أن الناس على مستوى القاعدة الجماهيرية أحبتها وشعرت أنها تمثل حالها، أما على مستوى القاعدة الرسمية فليس لدى ما أقوله.
العنود
وعن مؤسسة العنود التي قام بتأسيسها فيقول العبسي: عنيت بالعنود المهرة السباقة وهي اسم يعني الأصالة وهي خاصة بالإنتاج الفني والتليفزيوني.
وهدفها هو المساهمة في إنشاء جيل فلسطيني يساهم في نشر الثقافة الفلسطينية عربيا وعالميا، كما تهدف إلى نشر الفكر الفلسطيني بمنطق سوي وحقيقي بعيدا عن الإرهاصات التي تعج بها المنطقة العربية، كذلك من أهدافها خلق التواصل بين الثقافة الفلسطينية والثقافات العربية والغربية.
وعن الشعر يقول العبسي: لي سبعة عشرا ديوانا منها خمسة عشر شعرا شعبيا ومغنى وأكثر المغنين الفلسطينيين غنوا من أشعاري
ويبتسم مضيفا: في الحقيقة نشرت أول قصائدي وعمري 23 سنة كنت قويا في الإنشاء لكني ضعيفا في الإملاء على حد قول أحد أساتذتي في الابتدائية، ولم اكتشف موهبتي إلا بعد فترة.
ويقول العبسي عن كتابته لإحدى القصائد باسم الشوق وهي قصيدة عاطفية كتبها على شاطىء بحر غزة بينما الطائرات الإسرائيلية تقصف مدينة غزة :" رغم الخوف الذي قد يبثه الإسرائيليون إلا أننا شعب يحب الحياة ولا يهاب وهي ليست مفارقة بقدر ما هي إصرار على الحياة والبقاء للفلسطينيين.
وعن حقوق التأليف في كتابة كلمات الأغاني يقول العبسي: للأسف هنا لا حقوق للتأليف ولا يوجد من يلاحق بالأصل، إذ يفاجئك أن كلمات أغاني قمت بتأليفها وأذيعت على التليفزيون الفلسطيني ويعرفها القاصي والداني أنها للمغني الفلاني وللكاتب الفلاني أن تنزل على أشرطة كاسيت تحت اسم مثلا أبو عرب بأنه كاتب الأغاني وهذا كله سرقة وافتراء وهي مسألة لا تخرج عن كونها سرقة أدبية هدفها جمع الأموال فقط، وهذا فيه هضم حقيقي لحقوق المغني والمؤلف وإهدار للطاقات المبدعة في مجتمعنا الفلسطيني، فلابد من تنظيم هذه المسالة وملاحقة المتسببين بها كي لا يستفحل الأمر أكثر من ذلك.
وعن أمنياته يقول العبسي:
" أتمنى أن أحقق طموحي بأن يكون هنالك تليفزيون وراديو فلسطيني تحت اسم العنود يساهم في دعم الحركة الفنية والثقافية الفلسطينية ويكون ملامسا لهموم الشعب الفلسطيني ونتمكن من التعبير عنها وإيصال الصوت الفلسطيني للعالم أجمع.
وينشدنا وتنهيدة حارقة تسبق قوله:
عذاب على الوفى قلبي أنا مرهون
والعقل غاب وعيون من البكا دماعة
عذاب طريق البعد مهما يطول يهون
لكن طريق الظلم للقلب وجاعة
عذاب لأقسم قسم عاشق لرب الكون
لأمشي دروب الشوق والشوق لواعة
عذاب عن القلب ثلاث عنات بالعون
الأولى آه
والثانية للأمل لواحة
والثالثة روحي على كفي وأنا ممنون
مقدمة لعيون ليلة دمع جوة القلب مرتاحة
ويضيف مبتسما: كتبتها وهي قصيدة مغناة في مقدمة مسلسل درب الشوق.
الصفحة الرئيسية
»
الحوار
» سويلم العبسي: أفلامنا ومسلسلاتنا ليست من نسج الخيال بل هي الواقع الفلسطيني
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
إرسال تعليق Blogger Facebook