حين يرتكب الرجل الخطيئة فكأنما بصق من نافذة بيته للشارع، وحين ترتكب المرأة الخطيئة فكأنما بصقت من الشارع إلى بيتها.. هذه ليست فلسفة فارغة أو تنميق لبداية حديث بل هي جوهر الحديث.. ففي حادثة ليست بعيدة -في البعد الزماني أو المكاني - قتلت سيدة مطلقة حديثا بدعوى أنها اقترفت الخطيئة وكأنما فعلت ذلك وحدها فالمجرم الآخر هو طليق يرتع ويعود بيته كأنما شيئا لم يحدث حتى- لو أكل علقة سخنة – أما هي فإن كانت متزوجة فزوجها يطلب منها الرحيل من بيته ويطلقها لتعود لبيت أهلها فتغلي النار بالطبع في العقل العربي ولا يطيق الأخ أو الأب أو العم هذا العار فما هي إلا أيام قليلة حتى نسمع بمقتل إحداهن على خلفية الشرف.
وفي هذه الحادثة التي نسردها فهي إن صحت المعلومات مخطئة وعوقبت بالقتل وهو عاد إلى بيته كأن شيئا لم يكن بل والأشنع أن يعود لفعلته مرة ثانية وثالثة فلا عقاب للرجل بعد أن مات حياؤه وخشيته من الله وبات بلا أخلاق.وفي قضية ثانية ولكن منذ عدة أشهر قتلت فتاة شابة وتم التحفظ على الجريمة بدعوى شرف العائلة والقاتل هو العم لماذا قتلت؟ و بأي ذنب وقد أثبت الطب الشرعي أنها عذراء!! فتارة تدل التحقيقات أن ابن عمها أراد الزواج بها وهي رفضت وتارة تشير الدلائل أن عمها أصلا يعمل لحساب الاحتلال الإسرائيلي، وقد كشفت معلومات بمحض الصدفة تؤكد عمالته فخشى من فضح أمره ليقوم بدفنها بعد أن ضربها بأعقاب سلاحه والأدهى أن يثبت الطب الشرعي أيضا أنها ظلت عدة ساعات في القبر الذي دفنها فيه عمها، وهي لازالت على قيد الحياة وأي كانت الأسباب والمبررات الواهية في حكم ظالم وجائر والضحية في النهاية هي الفتاة وقد قتلت مرة بيد عمها ومرة حين حاولوا اغتيال شرفها وسمعتها بعد موتها!!
لماذا هذا الدمار للذات ولما نحن بهذه القسوة على النساء وكأنما نغسل عجزنا بهؤلاء الضحايا؟. وهن من يمكن أن يغض الطرف عن الحديث عنهن أحياء أو أمواتا وكأنما يدفن الرجال عجزهم في التراب مع رفات أجسادهن ويصبح الأمر أشبه بالموت الفجائي يفاجئنا لكنه يكون قد اغتال زهرة أخرى ربما لا ذنب لها وكثيرة هي الحالات التي تأكدت براءتهن بعد موتهن فلماذا نصنع العار بأنفسنا لماذا أيها الرجال الرجال توئدوهن وتجعلون من أنفسكم الحكام والجلادين تمثلون دور الضحية مع الاحتلال وتجيدون دور القتلة مع النساء وتحاكمونهن متناسين أنكم أنفسكم وقعتم في الفخ العصبي القبلي
في الآونة الأخيرة بتنا نحاول إغلاق آذاننا من كثرة ما نسمع من قضايا أخلاقية وفساد وانحلال في صفوف نساء ورجال وشبكات دعارة ومجالس مخدرات وقتيلات فحسب في قضايا الشرف المزعوم وقد ضاع الشرف منذ فقدت الأخلاق وباتت الكراسي هي ما يخطف الألباب وباتت العصبية القبلية هي من يحكم.
لماذا تعودون بنا ألف خطوة للوراء هل سقطت ورقة التوت الحقيقية عن ذواتنا المهترئة والمشوهة؟ هل الفقر يدفعنا لقتل أنفسنا لماذا الضحية دائما المرأة، فهي إن ذهبت للجامعة انظروا لبنات الجامعات ماذا يصنعن؟ وإن عملت اذهبوا ماذا يفعلن بالأفكار الغريبة التي يأتين بها؟ وإن خرجت مع صديقاتها التفت حولهن نظرات الشك الصامتة أو المباحة؟ وإن عاكسها رجل انظروا ماذا ترتدي هي المذنبة؟ وإن دافعت عن نفسها وابتعدت لابد من علاقة بينهما لابد هي شجعته وإلا لما فعل... لتصبح كل إمرأة مدانة شابة كانت أو طفلة!!
للمرة الألف أتسأل لماذا نقتلهن بشكنا وريبتنا ومن نصبنا حكام عليهن؟! وهل قال الله أن تقتلوا أم أن سهولة الحصول على الأسلحة سهلت الأمر لتجهز على نفس بريئة أو مدانة هل من العقل أن نفضح أنفسنا ونصدق أكذوبة الطهارة العقلية والجسدية التي لا غبار عليها في مجتمعنا.
وقفة مع الله. مع الضمير. وقفة لأجل الضحايا اللواتي يتساقطن وتخفى معالم الجريمة في ليلة وضحاها ليبقى العار الذكوري خالدا فالعار هو أن نفقد كرامتنا كبشر ونصبح كالوحوش الكاسرة نقتل بلا وعي ومن أجل شرف مرغناه بأنفسنا يوم نسينا أخلاقنا وإيماننا وتعلقنا بالرتوش، متناسين حكم الله.
إرسال تعليق Blogger Facebook