أتجه شمالا بحثا عن فرصة أخرى للعيش / الموت اليومي.. اتجه محاولة الفرار من تلابيب رفح الساكنة/ الغجرية تلك التي تتربع على خاصرة فلسطين توجعها حينا وتبكيها حينا آخر، وتفاخر بها/في الأيام الخوالي فما عاد الفعل المضارع بقادر على الحفاظ على استمرارية الفخر والشرف..
اتجه شمالا عازمة الرحيل القسري من صباحات باتت متماثلة في صخبها وصمتها وموتها، اهرب من جموع تشيع شهيدا/قتيلا في معركة مهزومة، أغلق حقائب سفري وألقي بجسد منهك بينما يبدو فتيا شابا نضرا، أغلق خلفي باب العربة علىّ أجد متسعا من الحرية/ رغم الإغلاق الذي يتراىء من بعيد..
أحاول أن أجد عازلا عمن يدورون في الشوارع بحثا عن أسمائهم على حيطان البنوك عل مئة دولار تنقذ بقايا أنفاس أطفالهم، عل بقايا سيجارة داستها الأقدام الطاهرة /الآثمة تفلح في إيقاظ همة مدخن استفحل عليه سعر السيجار فبات كثعلب يهوى من الجوع ويدور حول نفسه فلازال غير قانع بترك التدخين لأجل صحته فهل سيتركه لضيق الحال!!
أحاول ذات صباح/ وكل صباح أن أصعد عربة الأجرة دون أن أرى الأجساد الهزيلة تجر أقدامها لمدرسة فقدت بريقها، وتتصبب عرقا في طابور صباحي بات مقيتا، وقبل السادسة والنصف أراهن يفترشن باب البنك قرب الكراج الشرقي وأخرى تشيح بتراب طال قطعة قماش هزيلة تحاول التمركز عليها قرب باب محل صرافة لا يفتح أبوابه قبل العاشرة صباحا..
اجتهد لأغلق عيناي عنهن صبايا يافعات يلتحفن الجلباب والحجاب الذي لا يرحمهن من عيون مغروزة في قماش لا يصف ولا يشف فلا يملكن إلا التأفف والفضفضة لبعضهن انتظارا للحافلة لتقلهن لجامعتهن.. يحاولن أن يبتسمن إلا أن الكثيرون يغتصبون بسمتهن فيهرولن بحثا عن مكان فارغ لكن خيبة ترتسم على وجوههن وينطلقن للشمال واقفات كشجر فقد أوراقه ذات خريف..
فهذا الصباح خريفي لكنه في فصل الشتاء، وذات الصباح صيفي لكنه بارد كبرودة البشر من حولنا.. تعددت الفصول في يوم واحد فبتنا لا ندرك بأي وقت من العام وهل يضيرنا برد أو حر مادمنا لا نقوى على تشخيص كينونتنا..
يافطة عريضة تدق في رأسي هذا الصباح.. من نحن؟ ولماذا نبقى هاهنا لماذا نلوم المهاجرون الشباب والجوع والغضب والوجع ينهش أجسادهم الغضةّّ!! لماذا يجب أن نتحمل أظافرنا المغروزة في جراح لا تندمل من أجسادنا ولماذا باتت الدماء تسيل في الطرقات لتضيع معالمنا وملامحنا التي كانت قبل القهر مقهورة..
هذا الصباح الحافل بالوجع والألم بات سكين تدق بدل قلوبنا لننزف كل لحظة، أين نحن الآن فالعربة تسير والركاب باتوا كثيرون والأجرة باتت أعلى والغضب المكبوت بات جحيما.. غريب.. عن أي حصار يتحدثون ويوجعون رؤوس الناس بحصار غزة من قال أن هنالك حصار على غزة ومن ترحم على غزة ..
هو صباح يومي روتيني قاتل تمخر فيه العربة عباب الطريق المتعرج المتكسر/ المستقيم والغريب أنه طريق واحد لكنه يشعرك بأنك في ملاهي مدينة الإنتاج الإعلامي دون الاكتراث للفارق الشاسع، فأنت تصعد وتهبط في آن وإن كنت سيدة حامل فليس لك إلا الله .. تصغين لحوارات باتت عادية رغم فجاجتها لك كامرأة تبحث عن حياة عادية عادية جدا..
إنه صباح بات شماليا الآن تهربين فيه/ أهرب من الجنوب لتتلقفني غزة بأزير رصاص هادر، رصاص الأخوة الأعداء، ومذياع يصدح بقصف إسرائيلي للشمال وللجنوب أيضا إنه الشىء الوحيد المشترك وتنتبه له عيوننا وتقف قلوبنا لمعرفته.. وما غير ذلك فهو الموت بعينه الموت غير النظيف الموت المخجل لموتانا وأحياءنا.. كأنك تحاول الفرار من ثوبك الذي ترتديه منذ الولادة منذ عشرات السنين.. تهرول وتجرب وهو معك وأنت تظنه خلفك وتركته بعيدا وما أن تحاول التقاط أنفاسك تعود لتنفض عن نفسك ثوبك تتركه تحت أقدامك فتتكشف عورتك وتخجل/ في كلا الحالتين تخجل من نفسك ومع نفسك أنك أنت أنت.
هو صباح غزاوي محفوف بالتنهيدات/ بالمفاجآت.. تتلقفك غزة بهديرها وبكاء بحرها وقتما شئت لكنك لم تعد تجد ما تشتهي.. عتبة الدار باتت مظلمة متهدلة الأوراق والجفون.. سماء غزة بات حالكا نهاره ومساءه، هواء غزة بات مؤلما يدفعك لتزيحه عنك لتتلقفك الأيدي التي ماعادت بيضاء، تجد المرضى ولا تجد الطبيب/ فهو صباح مسلوب منك وأنت مسلوب من نفسك..
هو صباح نازف محاصر.. أعود/تعود أنت أنت مهرولا باحثا عن حياة عادية-أفضل، لا تجد خيارا.. تعود/ أعود للجنوب محاولة أن أخلق واقعا مغايرا ..رتابة الطريق تقتلك فلا اسمنت ولا تعمير ولا تغيير في الطرق المعوجة.. تمر بالبحر الكبير الكبير لتجده يتضاءل في عينيك فلا يكاد يتسع أحزانك.. تمر بالمخيمات التي تبدو من مئات السنين لازالت هاهنا.. الشعارات والكتابة تغطي وجه المدن والمعسكرات.. صور الشهداء أكثر من صور الأحياء.. أسماء المرشحين ترجمك دون وعي من عينيك التي تلتهم الكلمات.. الطريق يطول يقصر وأحلامك تتبخر أمامكّّ يغدو المساء دخيلا بصباحك الشمالي/الجنوبي تبدو غزتك تعتصر رفحك لترسم وجه طفلة هرم يقطر جراحاتك مابين الأمس واليوم لتفقد ألوان الغد الذي بات متشحا بلون واحد..
غزة غير.. عنوان فيلم لصبايا مخرجات ناشئات أتذكره جيدا لكن مرارة الكلمات تجعلك تتأكد بان غزة غير ليس من وجهة نظر المخرجة بل من عيونك أنت وصباحك/ مساءك أنت
ــــــــــــ
مع الاعتذار لكاظم الساهر في أغنية صباحك سُكر
اتجه شمالا عازمة الرحيل القسري من صباحات باتت متماثلة في صخبها وصمتها وموتها، اهرب من جموع تشيع شهيدا/قتيلا في معركة مهزومة، أغلق حقائب سفري وألقي بجسد منهك بينما يبدو فتيا شابا نضرا، أغلق خلفي باب العربة علىّ أجد متسعا من الحرية/ رغم الإغلاق الذي يتراىء من بعيد..
أحاول أن أجد عازلا عمن يدورون في الشوارع بحثا عن أسمائهم على حيطان البنوك عل مئة دولار تنقذ بقايا أنفاس أطفالهم، عل بقايا سيجارة داستها الأقدام الطاهرة /الآثمة تفلح في إيقاظ همة مدخن استفحل عليه سعر السيجار فبات كثعلب يهوى من الجوع ويدور حول نفسه فلازال غير قانع بترك التدخين لأجل صحته فهل سيتركه لضيق الحال!!
أحاول ذات صباح/ وكل صباح أن أصعد عربة الأجرة دون أن أرى الأجساد الهزيلة تجر أقدامها لمدرسة فقدت بريقها، وتتصبب عرقا في طابور صباحي بات مقيتا، وقبل السادسة والنصف أراهن يفترشن باب البنك قرب الكراج الشرقي وأخرى تشيح بتراب طال قطعة قماش هزيلة تحاول التمركز عليها قرب باب محل صرافة لا يفتح أبوابه قبل العاشرة صباحا..
اجتهد لأغلق عيناي عنهن صبايا يافعات يلتحفن الجلباب والحجاب الذي لا يرحمهن من عيون مغروزة في قماش لا يصف ولا يشف فلا يملكن إلا التأفف والفضفضة لبعضهن انتظارا للحافلة لتقلهن لجامعتهن.. يحاولن أن يبتسمن إلا أن الكثيرون يغتصبون بسمتهن فيهرولن بحثا عن مكان فارغ لكن خيبة ترتسم على وجوههن وينطلقن للشمال واقفات كشجر فقد أوراقه ذات خريف..
فهذا الصباح خريفي لكنه في فصل الشتاء، وذات الصباح صيفي لكنه بارد كبرودة البشر من حولنا.. تعددت الفصول في يوم واحد فبتنا لا ندرك بأي وقت من العام وهل يضيرنا برد أو حر مادمنا لا نقوى على تشخيص كينونتنا..
يافطة عريضة تدق في رأسي هذا الصباح.. من نحن؟ ولماذا نبقى هاهنا لماذا نلوم المهاجرون الشباب والجوع والغضب والوجع ينهش أجسادهم الغضةّّ!! لماذا يجب أن نتحمل أظافرنا المغروزة في جراح لا تندمل من أجسادنا ولماذا باتت الدماء تسيل في الطرقات لتضيع معالمنا وملامحنا التي كانت قبل القهر مقهورة..
هذا الصباح الحافل بالوجع والألم بات سكين تدق بدل قلوبنا لننزف كل لحظة، أين نحن الآن فالعربة تسير والركاب باتوا كثيرون والأجرة باتت أعلى والغضب المكبوت بات جحيما.. غريب.. عن أي حصار يتحدثون ويوجعون رؤوس الناس بحصار غزة من قال أن هنالك حصار على غزة ومن ترحم على غزة ..
هو صباح يومي روتيني قاتل تمخر فيه العربة عباب الطريق المتعرج المتكسر/ المستقيم والغريب أنه طريق واحد لكنه يشعرك بأنك في ملاهي مدينة الإنتاج الإعلامي دون الاكتراث للفارق الشاسع، فأنت تصعد وتهبط في آن وإن كنت سيدة حامل فليس لك إلا الله .. تصغين لحوارات باتت عادية رغم فجاجتها لك كامرأة تبحث عن حياة عادية عادية جدا..
إنه صباح بات شماليا الآن تهربين فيه/ أهرب من الجنوب لتتلقفني غزة بأزير رصاص هادر، رصاص الأخوة الأعداء، ومذياع يصدح بقصف إسرائيلي للشمال وللجنوب أيضا إنه الشىء الوحيد المشترك وتنتبه له عيوننا وتقف قلوبنا لمعرفته.. وما غير ذلك فهو الموت بعينه الموت غير النظيف الموت المخجل لموتانا وأحياءنا.. كأنك تحاول الفرار من ثوبك الذي ترتديه منذ الولادة منذ عشرات السنين.. تهرول وتجرب وهو معك وأنت تظنه خلفك وتركته بعيدا وما أن تحاول التقاط أنفاسك تعود لتنفض عن نفسك ثوبك تتركه تحت أقدامك فتتكشف عورتك وتخجل/ في كلا الحالتين تخجل من نفسك ومع نفسك أنك أنت أنت.
هو صباح غزاوي محفوف بالتنهيدات/ بالمفاجآت.. تتلقفك غزة بهديرها وبكاء بحرها وقتما شئت لكنك لم تعد تجد ما تشتهي.. عتبة الدار باتت مظلمة متهدلة الأوراق والجفون.. سماء غزة بات حالكا نهاره ومساءه، هواء غزة بات مؤلما يدفعك لتزيحه عنك لتتلقفك الأيدي التي ماعادت بيضاء، تجد المرضى ولا تجد الطبيب/ فهو صباح مسلوب منك وأنت مسلوب من نفسك..
هو صباح نازف محاصر.. أعود/تعود أنت أنت مهرولا باحثا عن حياة عادية-أفضل، لا تجد خيارا.. تعود/ أعود للجنوب محاولة أن أخلق واقعا مغايرا ..رتابة الطريق تقتلك فلا اسمنت ولا تعمير ولا تغيير في الطرق المعوجة.. تمر بالبحر الكبير الكبير لتجده يتضاءل في عينيك فلا يكاد يتسع أحزانك.. تمر بالمخيمات التي تبدو من مئات السنين لازالت هاهنا.. الشعارات والكتابة تغطي وجه المدن والمعسكرات.. صور الشهداء أكثر من صور الأحياء.. أسماء المرشحين ترجمك دون وعي من عينيك التي تلتهم الكلمات.. الطريق يطول يقصر وأحلامك تتبخر أمامكّّ يغدو المساء دخيلا بصباحك الشمالي/الجنوبي تبدو غزتك تعتصر رفحك لترسم وجه طفلة هرم يقطر جراحاتك مابين الأمس واليوم لتفقد ألوان الغد الذي بات متشحا بلون واحد..
غزة غير.. عنوان فيلم لصبايا مخرجات ناشئات أتذكره جيدا لكن مرارة الكلمات تجعلك تتأكد بان غزة غير ليس من وجهة نظر المخرجة بل من عيونك أنت وصباحك/ مساءك أنت
ــــــــــــ
مع الاعتذار لكاظم الساهر في أغنية صباحك سُكر
إرسال تعليق Blogger Facebook